القى الرئيس سعد الحريري في ختام أعمال “منتدى الاقتصاد العربي”، الذي عقد اليوم في فندق “فينيسيا”، كلمة قال فيها
تجتمعون في بيروت اليوم بينما تشهد المنطقة المحيطة اضطرابات وحروبا وويلات، وهذا بحد ذاته دليل أن لبنان يبقى وسيبقى بإذن الله مكانا للحوار والنقاش الهادىء وتبادل الأفكار البناءة والخبرات، والتقاء العقول العربية النيرة لمصلحة العرب واقتصاداتهم ومجتمعاتهم
أضاف: “لقد أثبت لبنان، وعلى الرغم من الحرائق التي تحيط به ومن الضغط الهائل لإخوانه النازحين ومن الأزمة السياسية المتمثلة بفراغ يدوم منذ عامين في رئاسة جمهوريته، أثبت بلدنا مناعة عالية بفضل جيشه وقواه الأمنية وبفضل تمسك أبنائه المخلصين بالاستقرار وبالنظام الديمقراطي ورفضهم العنف بأي شكل من أشكاله في العلاقات بين مكوناته الروحية أو السياسية. وها هو لبنان، وسط كل الحرائق الإقليمية يشهد أجمل مظاهر الديمقراطية في انتخابات بلدية في كل مدينة وقرية تجري بنزاهة وشفافية وهدوء تحت أعين العرب والعالم. ومن أسباب هذا الاستقرار الذي تشهدونه أمام أعينكم وتشهدون عليه بمجرد حضوركم، أن القوى السياسية الأساسية في البلاد تعلمت دروس الحرب الأهلية وقررت رفض أي انزلاق باتجاهها مجددا
وتابع: “لن أتردد في التأكيد، أننا في تيار المستقبل، فخورون بإرث مؤسسنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومصممون على متابعة رسالتنا بأن نكون السد المنيع في وجه التطرف وركن الاعتدال والعيش الواحد والوحدة الوطنية والاستقرار في لبنان. وها هي الانتخابات البلدية في بيروت تؤكد في نتيجتها السياسية تمسك أهل العاصمة والحمد لله بهذا النهج وهذه الرسالة وهذه المدرسة
وأردف: “إن قرارنا وقرار معظم اللبنانيين الحفاظ على استقرار بلدنا وسلمه الأهلي وأمنه، لا يكفي في ظل تراجع النمو الاقتصادي مع ما يرافقه من ارتفاع في معدلات البطالة لا سيما في الفئات الشبابية وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية التي ينبغي أن تكون على رأس أولوياتنا. وفي هذا المجال تحديدا، فإننا في لبنان نملك ما يكفي من الطاقات والخبرات والعقول وأثبتنا في السابق قدرة على الإنجاز تسمح لي القول أمامكم إننا قادرون بإذن الله على العودة إلى النمو وإيجاد فرص العمل وتحريك عجلة الاقتصاد والاستثمار وتحسين البنى التحتية وإطلاق المجال أمام المبادرات الخاصة والعامة. ونحن في تيار المستقبل منكبون على وضع خطة تعيد إطلاق عجلة الاقتصاد الوطني عبر تحسين بيئة الأعمال بدءا من إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما تشمل خطتنا إعادة تفعيل النشاط السياحي عبر حملة إعلانية عالمية لتسويق السياحة في لبنان
وقال الحريري: “برأينا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص يجب أن تشمل قطاعات أساسية، مثل الكهرباء والاتصالات، ومنها إجراء مناقصات لتلزيم القطاع الخاص، إنشاء وتشغيل عدة معامل لا يقل انتاجها عن 1000 ميغاوات لتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة يوميا في كل الأراضي اللبنانية. فمن المعيب أننا حتى اليوم لا تتوفر الكهرباء لدينا 24 على 24 ساعة، ونحن نعلم أن القطاع الخاص قادر على القيام بهذه المشاريع والتمويل موجود والمصارف جاهزة لذلك، لكن المشكلة أننا لم نستكمل القانون. ويجب تخفيض تعرفة الاتصالات والانترنت وخصخصة الخلوي، لأنه لا يوجد بلد في العالم اليوم لم يخصخص قطاع الخلوي، وإعطاء تراخيص جديدة للحزمة العريضة لتشجيع استثمارات جديدة في شبكات
High speed fibre-optics
عبر الأراضي اللبنانية
أضاف: “لدينا أيضا خطة لإشراك القطاع الخاص في شبكة النقل العام، ونحن ندرس مشروع إنشاء مترو، لا سيما مع زحمة السير الخانقة التي نعانيها، ومشروع نقل بحري بين المدن الساحلية مع إلزام البلديات في المدن الكبيرة تأمين مواقف للسيارات على عقاراتها. ونسعى كذلك للعودة إلى مشروع تحسين وتطوير المداخل الجنوبية والشمالية للعاصمة. كما ترمي الخطة إلى إطلاق مناقصات التنقيب واستخراج النفط والغاز وإقرار قانون نظام الصندوق السيادي، لحفظ العائدات للأجيال المقبلة إضافة إلى تخصيص جزء منه لتخفيض الدين العام. كما تركز الخطة على تحسين الأوضاع الاجتماعية بسلسلة إجراءات أهمها تمويل وتوسيع شبكة المستفيدين من البرنامج الوطني لاستهداف الفقر، ففي لبنان اليوم وصلت نسبة الفقر إلى 27%، لذلك لا بد من تدعيم هذه الصناديق لمساعدة المحتاجين في كل لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وتأمين تغطية صحية لكل لبناني غير مشمول بأي تغطية صحية أخرى. أخيرا وليس آخرا أذكر من الخطة ما يتعلق بحل دائم لأزمة النفايات، وإجراء مناقصات التفكك الحراري وتمويل الإدارة المستدامة للنفايات الصلبة
وتابع: “إن هذه القدرة التي يكتنزها القطاع الخاص اللبناني والرؤية الاقتصادية الواضحة والمدروسة التي نملكها بصفتنا تيار الإنجاز والإنماء في لبنان وتفاؤلنا بإعادة استقطاب إخواننا العرب واستثماراتهم ومشاريعهم إلى بلدنا، كل هذا يبقى مرهونا بوضع حد للشلل في مؤسسات الدولة الناتج عن الفراغ في رئاسة الجمهورية. لذلك فإن جهودنا منصبة حاليا على إيجاد مخرج لهذه الأزمة ولإقناع سائر القوى السياسية بضرورة انتخاب رئيس لجمهوريتنا في أسرع وقت ممكن. لأن انتخاب الرئيس يليه دستورا وحكما تشكيل حكومة جديدة، ثم تجديد البرلمان اللبناني في انتخابات نيابية، وتفعيل كافة مؤسسات الدولة وعملها. ومن شأن هذه العملية السياسية أن تجدد الثقة باستقرار النظام اللبناني وبمواصلة الإصلاحات البنيوية في اقتصاده القائم على حرية المبادرة والتنافس ومرونة قطاعه الخاص وإبداعات اللبنانيين وعقولهم
وختم: “باختصار، أقول لإخواننا العرب عموما ولصانعي القرار الاقتصادي والاستثماري منهم بشكل خاص: إذا كان لبنان قادرا على الحفاظ على استقراره وحيويته الديمقراطية ومستوى التعليم والطبابة والخدمات في ظل كل هذه الأزمات، تخيلوا فقط ما يمكنه اجتراحه من فرص وآفاق استثمارية عندما تبدأ هذه الأزمات بالانحسار بإذن الله