كلام واضح وضوح الشمس، يُظهر أن “حزب الله” سيتعامل مع أي تعاطٍ مع “صندوق النّقد الدولي”، ومع الأزمة المالية اللبنانية، بالطريقة نفسها التي لطالما تعاطى فيها مع الملف الأمني والاستراتيجي اللبناني

ها هي الحقيقة بدأت تتظهّر. وكل الكلام المطمئن الى أن “حزب الله” لن يكون عائقاً أمام اتّباع برنامج مع “صندوق النّقد الدولي”، دحضه ما صدر عن نائب أمين عام “الحزب” الشيخ نعيم قاسم أمس، الذي قال:”نحن لا نقبل أن نخضع لأدوات إستكبارية في العلاج، يعني لا نقبل الخضوع لـ “صندوق النّقد الدولي” ليدير الأزمة

وأضاف:”لا مانع من تقديم الإستشارات، وهذا ما تفعله الحكومة اللبنانية، وبإمكانها (الحكومة) أن تضع خطة، وأن تتّخذ إجراءات بنّاءة لبدء المعالجة النقدية والمالية، ووضعها على طريق الحلّ

وتابع قاسم:”نحن بحاجة الى خطة إصلاحية متكاملة، مالية – إقتصادية – إجتماعية، موقّتة واستراتيجية، وإن شاء الله ستقوم الحكومة بهذا العمل، وتُظهر بعض النتائج، ولو بعد حين

لا أكثر ولا أقلّ

كلام واضح وضوح الشمس، يُظهر أن “حزب الله” سيتعامل مع أي تعاطٍ مع “صندوق النّقد الدولي”، ومع الأزمة المالية اللبنانية، بالطريقة نفسها التي لطالما تعاطى فيها مع الملف الأمني والاستراتيجي اللبناني، التي قامت وتقوم على الإلتفاف على القرار 1701، وعلى كل ما له علاقة بالقرار 1559، والمحكمة الدولية، و”إعلان بعبدا”، و”النّأي بالنّفس”. وأيضاً على طريقة أن قوموا بالإستشارات التي تريدونها مع وفود “صندوق النّقد الدولي”، ولكن النتيجة ستكون أنكم “رح تبلّوها وتشربوا زومها”، لا أكثر ولا أقل

بلا أُفُق

بالإنطلاق من المؤشّرات الإقتصادية المتوفّرة حالياً، يظهر أمامنا أن رأي “الحزب” بالأزمة المالية – الإقتصادية لا يُمكنه أن يوضَع لا في أعلى السلّم ولا في وسطه، ولا حتى في أسفله، لأنه خارج أي تاريخ صلاحية، وأي فاعلية، دولية، خصوصاً أن المصيبة وقعت على لبنان بسبب إدخاله بـ “استراتيجياته” (الحزب) “المُمانِعَة

أما من حيث الطابع السياسي لكلامه، فإنه بلا أُفُق أيضاً، لا سيّما أنه يستحيل أخذ إرشادات وفد “صندوق النّقد”، والنّجاح في تطبيقها فردياً. كما يستحيل التعويل على إمكانية النجاح في تحرير 5 مليارات دولار يحتاجها لبنان للإنقاذ حالياً، بحسب بعض خبراء المال، من المصارف، دون موافقة أميركية تحديداً. فيما التعويل على فرنسا نفسها، لن يكون مُجدياً، لأن باريس لن تتحرك لإنقاذ لبناني جذري، أو حتى مرحلي، بما يعوّم الإستمرار بسياسات “حزب الله” في لبنان

مريض

رأى الوزير السابق رشيد درباس أن “كلام الشيخ نعيم قاسم، يُشبه أمر واقع أن مريضاً استدعى الطبيب، ومنحه الثقة لإجراء العلاج. وعندما بدأ بمعالجته، بدأ (المريض) يرفض الدواء، ويمتنع عن الشيء الذي ينصحه به الطبيب. وهنا يكون السؤال لماذا أتيتَ به؟

ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الحكومة الحالية أتت بإرادة من “حزب الله”، وبتأييده المُعلَن، وعلى أساس أنها تتألّف من اختصاصيين ليعالجوا مواطن الخلل الأساسية. وبالتالي، لماذا تمّ توزيرهم إذا كان عملهم سيُرفَض؟

وشدّد على أن “إيجاد الحلّ يجب أن لا يقوم على كفّ يد الحكومة مُسبَقاً، ومنعها من التعاطي مع هذه الجهة أو تلك، لا سيّما أن الصناديق التي يضعون عليها محرمات، هي التي تمتلك السيولة المالية، والقدرة على مساعدة لبنان”

“ماريونيت”

واعتبر درباس أن “لا أحد يُنكر أن شروط “صندوق النقد الدولي” قاسية ومُجحفة، ولكن لا يُمكن أن يتمّ قطع الطريق سلفاً، وقبل معرفة شكل التعاطي الفعلي معه

ودعا في تلك الحالة، الى أن “يقوم “حزب الله”  بتبيان التجربة التي يحتفظ بها من أجل تحقيق الإنقاذ، والى إدارة البلد بنفسه مباشرة وبلا “ماريونيت”، بما أنه أتى بالطبيب، أي الحكومة، فيما يحتفظ هو بالوصفة الطبية

وقال:”بكلامه أمس، أكد الشيخ نعيم قاسم أن “الحزب” يقول إفعلوا ما تريدونه، ولكن القرار يبقى لي في النهاية. وهنا نسأل أيضاً، لماذا أوحيتم بأن الحكومة حرّة ومستقلّة؟

فرصة؟

وأكد درباس أنه “يتوجّب على الرئيس حسان دياب أن يكون للشعب وليس للجهة التي زكّته، والتي ينتهي دورها حُكماً بعد تشكيل الحكومة. فالحكومة لا يُمكنها أن تكون أجيرة

ورداً على سؤال حول إمكانية نجاحه في تلك المهمّة، بعد مهاجمته مرحلة الحُكم الحريريّ أمس، أجاب:”قاموا بـ “تزحيطه”، فأدخلوه في سجال يبرّر الفشل. ولكن يتوجّب عليه أن يُدير ظهره لكلّ تلك الخزعبلات، لا سيّما أنه أوحى وكأنه يُعادي مرحلة حكم الرئيس رفيق الحريري، على رأس السلطة التنفيذية

وختم:”هذا الملف ينقسم حوله اللبنانيون، وفيه مغالطات كثيرة، وما كان يجب عليه (دياب) أن يدخل هذا الباب. ولكن رغم ذلك، لا تزال أمامه فرصة ليُثبت أنه رئيس حكومة لبنان، وأنه لا ينتظر تعليمات من أحد

المصدر: وكالة أخبار اليوم