لا تزال أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية اليومية في تصاعد، لا سيما مع نفاد البضائع ودفعات الاستيراد الجديدة، في ظل نقص السيولة بالدولار ولجوء المستوردين والتجار إلى محال الصيارفة لشراء العملة الخضراء بسعر صرف لامس الـ 2000 ليرة لبنانية. ومع قيام مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بجولات لمراقبة الأسعار وضبط التلاعب فيها، ما فعالية هذه الخطوة في حين أن الارتفاع يبقى خارجا عن السيطرة نتيجة ارتفاع سعر الصرف؟
المديرة العامة لوزارة الاقتصاد والتجارة عليا عبّاس أوضحت لـ “المركزية” “أننا نتفهم أن يؤدي شراء الدولار بسعر مرتفع مقابل الليرة اللبنانية إلى رفع الأسعار، إلا أن هناك استغلالا للوضع من قبل بعض التجار. وزارة الاقتصاد متنبهة إلى عدم ظلم أي تاجر من خلال إجراءاتها، لأننا نعمد إلى مقارنة فواتير الشراء مع أسعار البيع في هذه المرحلة، وهكذا تتوضح لنا كل التفاصيل من تكاليف الشراء إلى أسعار البيع ونسبة الأرباح”، لافتةً إلى أن “فواتير عمليات الشراء التي تمت ما قبل الأزمة أيضا متوافرة ونعتمد عليها للمقارنة”.
واعتبرت أن “مسؤولية التجار الاجتماعية خلال المرحلة الراهنة تكمن في خفض الأرباح وليس رفعها عبر استغلال زيادة الطلب على البضائع ولا سيما على المواد الغذائية لأن المواطنين متخوفون ويزيدون مشترياتهم”. وأكدت أن “حماية المستهلك تقوم بدوريات مكثفة وهمها الحالي ضبط الأسعار مع متابعة الشكاوى حرصا على عدم انتشار الفوضى في القطاعات الأخرى”.
ماذا يمكن القيام به غير الدوريات لضبط الأسعار؟ لفتت إلى أن “بعض السلع الأساسية مسعّرة من قبل الدولة والقطاعات التي تبيعها ملزمة باعتمادها”.
أما عن ربطة الخبز ومطالبة أصحاب المخابز والأفران برفع سعرها أو خفض وزنها، فأشارت عبّاس إلى أن “وزارة الاقتصاد تحدد سعر ربطة الخبز العادية ووزنها، وعلى الأفران الالتزام بها، لكن بعضهم عمد إلى تخفيض الوزن مع الالتزام بالسعر أي رفعه بطريقة غير مباشرة”، مضيفةً إلى أن “حتى الآن، سُطّر 81 محضر ضبط نتيجة المخالفات في هذا المجال، وللاسف الأفران الكبيرة هي التي تتلاعب لا الصغيرة. وهذا يعني استغلال الوضع لتحقيق المكاسب على حساب المواطن الذي هو بأمس الحاجة إلى لقمة العيش”.
وأكّدت أن “تصعيد أصحاب المخابز والأفران لا يعني أن الأمور ستسير وفق مزاجهم. إذا افترضنا أنهم يسجّلون بعض الخسائر ولا تتراجع أرباحهم فقط، فلا يمكنهم أن يضعوا أنفسهم في جزيرة بعيداً من الواقع. اليوم كل فرد تأثّر على الصعيد الاقتصادي”. وتابعت “الهدف ليس تكبد الأفران الخسائر لأن ذلك سيدفعهم حتماً إلى إغلاق مصالحهم، لكن خفض نسب من الأرباح خلال هذه المرحلة لا يعني نهاية العالم، وذلك من باب مسؤوليتهم الاجتماعية بانتظار تجاوز المرحلة الصعبة التي تطال البلد”، مشددةً على أن “وزارة الاقتصاد مصرّة على عدم تغيير السعر أو الوزن لأن الأفران لا تخسر”