كثيرة هي اطلالات الفنان زياد الرحباني في الآونة الآخيرة مع الإعلام اللبناني، ورغم تكرار بعض الحلقات الحالات نتابعه بشغف، ونحاول أن نتقرب من “بوهميته” المحببة دون أن تُزعج، ولكنها تعطي مساحة كي نفكر، ونتأمل ما بعد ما قيل وقال وسيقال! وبصراحة كلما كان المذيع أو المحاور متمكناً، وقام بواجب الإعداد، والبحث والتنقيب، والثقة دون الهبل السياسي كما حال لقائه الآخير الذي سنتطرق إليه يتفوق بالحوار، ويصبح الحوار أكثر جرأة ونجاحاً وتميزاً، وهنا يزداد الضيف اختلافاً، ويزداد زياد قولاً وبوحاً وتطلعاً وخفة ورشاقة، وتوزيع سهامه المقصودة
في حوار زياد الرحباني من منزله أمس مع ديما صادق على قناة
LBCI
لم يوفق مطلقاً مع إنه كان جاهزاً للحوار، وهو يدرك من أي شاشة سيطل، ومع من سيتحاور… ووقع الحوار بكثير من الإشكاليات
وأول الإشكاليات كانت في البث، إشكالية أصابت الضيف بالملل، وأزعجت صاحبة الحلقة حتى بان عليها النرفزة، ولم تتحكم بغضبها المكبوت الذي شاهدناه، ولم تتمسك بحركتها كي تستوعب ما حصل، وما حدث من مشاكل بالعادة يحصل ويحدث في البث المباشر الخارجي
وثاني الإشكاليات تشاطر ديما في إقحام زياد داخل لعبتها السياسية المكشوفة، ورغم استخدام سلاح الدلال والضحك المتصنع لم تفلح في جر زياد إلى ما تشتهي، ولم تأخذ منه ما رغبت وترغب به من هجومه على حزب الله، أو تطاوله على المقاومة، وكأنها لا تعرف أن زياد يختلف كثيراً عن الآخر، وهو صاحب واقعية المبادئ، ومبادئ الفكر المتحرر من عقد الذات…ربما غابت عنها هذه الحقيقة
وثالث الإشكاليات أن زياد لم يكن راغباً في الحديث عن الأمور الشخصية في اسهاب رغم فتح ديما لبعض الأمور على طريقتها الخفيفة والمعتمدة على الخفة
ورابع الإشكاليات أن المخرج لم يتمكن من التقاط كادره بطريقة صحيحة رغم استخدامه لإضاءة جميلة في زوايا المكان، وكانت شريكة في تجميل المنزل
وغاب أيضاً عن المخرج أن زياد يتصرف بعفوية دون ضوابط وعلى راحته، وهنا المخرج الشاطر يسرق حركته، وايماءياته في حال تضايق، وتعابيره عن سؤال يصله وكله سذاجة، وانزعاجه من حوار لا يتفق معه…كل هذا لم يدركه المخرج، وصور، ونفذ حلقته على طريقة أن ضيفنا شخصية عابرة
وخامس الإشكاليات، وهي الأهم أن ديما صادق تعاملت مع زياد الاشكالي بخفة كما تتعامل مع بعض من تستضيفهم في الاستديو ليحاورونها كما ترغب وتحب سياسياً لتمر الحلقة بسلام، وهي بدورها تمرر رسائلها ضد من يعنيهم الأمر، لذلك لم تُعد الحلقة إعداداً كافياً، وربما لا يوجد بعض الإعداد من خلال إنها كتبت المحاور دون معرفة وافية بتفاصيلها، ولم تجلس مع المخرج وفريق العمل للاتفاق على بعض التفاصيل، وبالتحديد ما يتعلق بشخص زياد…هذا ما وصلنا
فرصة اضاعتها ديما لكونها مسكونه بالتطرف الحواري المسيس كما هي تبتغي وتفكر، ولا تستطيع أن تتقبل من ينتقدها أو لا يوافقها فتتوه، وتأخذ الحوار إلى سلق محاورها لتتخلص من الورطة، وفعلاً زياد الرحباني ورطها منذ البداية في وقوع إشكال أخطاء البث إلى إشكال في عدم حماسته بالبوح في نصف الساعة الأولى من الحوار، والباقي مجرد سرد كلامي مدروس من قبله، ولم نجد عفوية فيه، ونعرفه أو قاله في حوارات سابقة
فرصة اضاعتها ديما لكونها تحاور زياد بعد هذا الكم الذي تحاور فيه خلال هذه الشهور القليلة، وعليها أن تدرس، تعد، وتنجز ما هو مختلف عن غيرها، لا أن تعتمد على ذاكرتها في محاور أصبحت مملة مع زياد وعند زياد
فرصة اضاعتها
LBCI
، وهي محطة لها تاريخها في استضافة قيمة فنية، وإشكالية وجودية، وشخصية واضحة وليست مركبة سياسياً إسمها زياد الرحباني، وحتى لو لم تحبه هو حالة ظاهرة، والكل يتابعه
بقلم// جهاد أيوب