للتذكير على سبيل المثال، جورج برنارد شو كان كاتبًا مسرحيًّا فذًا وكان في الوقت نفسه ناقدًا ساخرًا مرًّا. أقام الدنيا وأقعدها ضدّ أوجين سكريب، وضدّ فيكتوريان ساردو، واخترع كلمة سلبيَّة يسخر بها من طريقة كتابة هذا الأخير هي 

Sardoodledom

. هذا لم يمنع سكريب من دخولٍ مشرّف إلى الأكاديميّة الفرنسيّة، كما لم يمنع روايات ساردو من تحقيق إنتصارات كبرى

النقد الموضوعيّ ليس شتيمة ولا نميمة بل سعي إلى الأفضل وفق قناعات قد تلتقي أو تفترق. لذلك أقول: من حقّي بل من واجبي بعد أكثر من ٤ عقود عقدتها على خدمة الدراما اللبنانيّة أن أعبّر عن مشاهداتي وانطباعاتي

وبما أنّ كمّيّة الأعمال في رمضان لا تسمح بمتابعة شاملة ووافية إكتفيت بمتابعة أعمال لممثّلين جمعني بهم مسار طويل، أو لجهة منتجة مألوفة عندي، أو لمخرج أتابع تطوّر أسلوبه

أمّا مدوّناتي فشئتُها معزّزة بما هو واضح في الأعمال من دون التعرّض لأسماء أصحابها نظرًا إلى إصرار مبدعي بلادنا على سماع المدائح والمجاملات وإعتبار كلّ مقولة نقديّة أو تحليليّة ضربًا من التجريح والتشفّي. وما رغبتُ في التسمية إلّا في ذكر الإيجابيّات حيث أعترف للأعمال ببعض ما أحببته فيها. فقد أحببت في “الهيبة” مثلًا (كما في كلّ مناسبة) حضور النجمين الجميلين تيم حسن ونادين ن. نجيم ولفتني صعود مواهب جديدة تبشّر بالخير

أمّا فرط “الإبهار” الإنتاجيّ فمنوط بلعبة الـ

sensationalism

الذي أطلق وعودًا كثيرة بتمايز الجرأة في التصدّي لظواهر إجتماعيّة محليّة حسّاسة، فإذا بالوعود تتهاوى منذ الحلقة الثانية وتنتهي إلى تشويقٍ يصحّ في كلّ بيئة تؤوي عصابات، وهو تشويق لا يفتقر الى الحبكة الجاذبة لكنّه لا يحقّق أيّ بعد حميم وجريء ممّا جعلونا نتوهّمه في البداية

وأحببت في “أدهم بك” نضج الأداء والإطلالة المتميّزة عند الرائع يوسف الخال.  وفِي أكثر من موقع تذكّرت كلام الصديق أسعد رشدان

Assaad Rechdan

الذي قال لي فور إنتهائه من تصوير دوره في “أدهم بك”: هذا إنتاج يحترم نفسه

راقبت مشاهد الجموع وتفاصيل الحقبة الزمنيّة والكثير من متطلّبات “أمانة الإنتاج” فأدركت ما رمى صديقي أسعد إليه وتمنّيتُ دوامه. والليلة مع الحلقة رقم ١٢ بدأت الملامح الموعودة تستشرف لنا الآتي من حبكة “دعاء الكروان” المعلن عن أجوائها في الشارة، وهي إن جاءت منسجمة مع الأصل من شأنها أن تشدَّنا إلى الشاشة الصغيرة كما سبق أن شدّتنا الرواية في غرّة الصبا إلى الشاشة الفضّيّة

يبدو أنّ ما بعد الحلقة ١٢ ذاهبٌ بنا ألى حيث اشتهينا… فهل يتسنّى لانطباعاتي أن تبقى على راحتها، تستعيد سحر اللحظات وتجاهر بالأسماء في فرح وإمتنان؟ الأمر لا يعود إلى تمنّيات المتلقّي، فعسى أن يطيب لنا جميعًا ما سيحمله الإرسال