جهاد أيوب في ندوة “اتحاد الكتاب اللبنانيين”: الحرية تستغل وتسرق والحقيقة يتم تأجيلها
• د. فانوس: “الواتس أب” أهم من دور النشر، وهو الأكثر انتشاراً • د. قبيسي: الطرح جيد لكننا لم نصل إلى حل، ولدينا حرية تعبير في ندوته حول “استغلال مفهوم الحرية بلغة الإبداع الفني والأدبي والإعلامي” أكد الزميل جهاد أيوب في مقر “اتحاد الكتاب اللبنانيين”، وبحضور أمين عام الاتحاد د. وجيه فانوس، ونخبة من المهتمين بالشأن الثقافي، وتقديم أمين سر الهيئة الإدارية للإتحاد د. جهاد بنوت، أكد أيوب على خطورة استخدام الحرية تحت لواء “أنا حر”، والعمل على تعرية المجتمع إلى أبعد من التسطيح والاستحمار بدأ الندوة د. بنوت بكلمة موجزة رحب من خلالها بالمحاضر، ومشيرا إلى أهمية طرح هكذا قضية في مثل هذه الظروف في أمة تعاني القحط، ومشيرا إلى انطلاقة الندوة ضمن موسم ثقافي وأدبي وفكري هادف إلى استمرارية المشاركة في المشهد الثقافي الراهن، والواهن الذي يشبه ويعكس المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وذاك المحيط بنا على مسرح الدم والفوضى الذي يحيط به عالمنا العربي منذ سنوات، وأخطر ما فيه تسلل أفواه وأقلام مأجورة، ومريضة ومزعجة، ومستخدمة سهولة التواصل الإعلامي لتمرر أهدافا مضللة، وهدامة الندوة ومن ثم حاضر الزميل جهاد أيوب فقال: “الحرية، حرية لا تتجزأ، ولكنها ليست بالمطلق، وإذا اعتبرناها مطلقة تصبح مرضاً فكريا شاذا…وبعضنا يريد للأفكار الشاذة حالة إبداعية، وهنا الفرق بين العمل الإبداعي وبين التصرف في الإبداع والفكر والحياة، الحرية مسؤولية، وقيود فكرية وأخلاقية وعقائدية…ولا نخاف على الحرية إلا ممن يتشدق بالحرية، ويتلظى بها، ويختبئ خلفها، ويستغلها بمناسبة ومن دونها، ويتحدث باسمها وهو يهابها كلامياً، ولا يؤمن بأن يتصرف بها الآخر، لذلك نجده في العتمة يخطط ليغتالها بأفعاله النهارية للأسف الشعوب لا تصنع الحرية، ولا تقدر على ذلك، وفي البداية قد نتعلمها من تصرف الفرد، وهذا الفرد بالتأكيد يتمتع بلغة فكرية وعقائدية وحياتية مختلفة وبسيطة لا تعقيدات فيها، لكنها لا تصبح حالة عامة إلا من خلال الوقت والممارسة، بل وجب أن تتربى الشعوب على الحرية حتى تتميز بحضورها، وتوصل حضارتها وأضاف أيوب “نعم الحرية هي باب من أبواب الحضارة، ولكنها ليست كل الحضارة، الحرية طفل، ومكتسب، وفكر، وتحضر، ولا تُصَنع أو يتم تأجيرها، وشرائها من محلات السوبر ماركت، أو السفارات خاصة السفارات الغربية!! الحرية واحدة لكنها تُستغل بصور، وبطرق وأفكار مختلفة وعديدة ومتنوعة حسب المصالح و الأهواء، الحرية قد تكون موضة لتحقيق شعارات سياسية مرحلية بعدها استغلال واستحمار لمن لم يعرفها وهو يحتاجها، الحرية هي موضوع يَفرض المتابعة الإنسانية المسؤولة، وسلاح وبحث في الجهد الإنساني الصرف خاصة في قضية وجودنا، الحرية ممارسة وليست غيرة وتقليدا، لذلك نتغنى بها كحجة كلما ضاقت بنا سبل الإبداع والحياة، وتحديداً في علاقاتنا مع النظام والدولة والقانون، وهذا ما هو معروف عنا لأننا نتعامل مع الفكر والفن والإبداع، ومع ذلك الحرية يشوبها التشويه، ونغتالها كل لحظة، ولم نعد نعرف صيانتها، ونستخدمها من باب البوح، والصراحة، والتميز، والاختلاف، ولكننا لا نَعبر إلى الشمس بل نصل إلى إلغاء غيرنا مبتسمين والدماء تسيل منا • البوح يتطلب حرية، ولكنه يضيع إذا لم يفهم الحرية، البوح ابن الحرية وليس الحرية • الصراحة مطلوبة، وتعيش في كنف الحرية، الصراحة ابنة الحرية وليست حرية لأن الحرية قيد، وحينما نتعرف عليها نعرف حرية الأخر • التميز يصنع وجوده كلما كانت الحرية رفيقته، لا يبدع التميز من غير حرية، ولكنه حينما يصاب بداء الإفلاس من الأفكار والعمل الهادف يلجأ إلى الجنس والدعارة والدماء الأبيض حيث إلغاء الفكر وحضور الشهوة وما شابه مستغلا الحرية، وهنا لا وجود للحرية بل سؤ استخدامها قصدا، ويتعمدها باستعراض أكثر من فج، هنا مجزرة للحرية…التميز هو جار الحرية وليس حرية • الاختلاف ضرورة في الفكر والسياسة والدين والفن والثقافة والحضارات، و ليس صحيحاً بأنه يصنع الحرية، بل إذا تفهم الاختلاف لمساحة الحرية يتمكن من أن يبقى شامخاً وحاضراً وواثقاً…الاختلاف ذكاء الحرية، وحتى في الشر يستغل قرابته من الحرية من خلال “حلو اللسان”، وينشر سمومه لكنه يصدم بأخر يستخدم الحرية لمصلحته فيقع الموت والتمزق والتلاشي والدماء ملاحظة: كل من ذكرتهم يوصلوننا إلى الدماء…وأعتبر يوجد دماء أحمر ودماء أبيض – الدماء الأحمر يعني الموت والإلغاء، والصراعات الفكرية والقبائلية والموروث المتخلف، والجمود التنويري الضيق، والفنون الهجينة غير المؤثرة في الجمال والمؤثرة على صعيد خواء الفرد، وضياع الحضارة، وتلاشي المجتمع، وخمول الفكر – الدماء الأبيض يعني التلاشي والأمراض البطيئة، والتفكك الإنساني والوطني والاجتماعي، وهجرة الثقافة التناقض كما أكد أيوب أننا وبسبب استغلال الحرية في استغباء الشعوب نعيش تناقض وجودي، وهذا التناقض الوجودي أكثر من موجع، وأكثر من لاغي أوصلنا إلى معادلة أننا في عالم الحرية والحقيقة تــنـاقـض مـوحـش، لأننا، ومنذ انطلاقة أدم وحواء ونحن نعيش شوشرة في فهمنا للحرية وللحقيقة، والنتيجة فهمنا الخاطئ لهما الغرب سوق لنا حرية ملغومة بالجنس، والتطاول على الله وعلى من لا يوافيهم المصالح، وحرموا المس بسياسة مصالحهم وبالصهيونية ففشلوا في تحقيق الحقيقة التي رسموها بالدولار والحرية الكذبة وفي الدول التي تدعي خادمة الإسلام، وراعية الإسلام لا مجال للحرية وللحقيقة فيها، فناموا بجهنمهم حتى التخمة بين عبيدهم وجاريتهم وفي البلاد التي تتغنى بالمسيحية، وبالتسامح وبأن الديانات المتنوعة فيها هو سلاح وجودها، وبالحقيقة كانت ولا تزال تصدر الدماء، وقتل من لا يتفق معها، والتعامل مع من لا يجاريها بكونه متخلفاً يحق لها استغلال خيراته، واستحمار الإنسان فيه، والدلائل على ذلك أن غالبية الدول الاستعمارية دخلت الشرق تحت راية الصليب وفي البلاد التي ادعت الاشتراكية والشيوعية كثر التنظير مع غياب الإنسان والأنسنة، والتعامل معه كرقم ليس أكثر، وقيدت الحرية بالأمن ومصالح السلطة من هنا انطلقت لأقول بعد تجارب دامعة ودامغة، ودامية ومبكية ومضحكة “تقوم الحرية على فهم الحقيقة، ولكنها لا تُعَدلها، بينما الحقيقة واضحة وملتبسة وجب مناقشتها من أجل السير معاً وصولاً إلى التحرر والتحرر أنواع 1=
تحرر من الحقيقة والحرية 2=
التحرر من التحرر بعد فهمه وتلمسه 3=
تحرر ما بعد التحرر وفي التحرر الأول والتحرر الثاني والتحرر الثالث نجد أن السلوك هو الفاضح، والكاشف، والمنبر، والصوت والصورة والاستمرار، والهم، والأخطر أن السلوك يُصَدر حكم الأخر علينا، ويُضَيق حركتنا رغم وصولنا إلى السلطة والمال والحقيقة تفجر ثورة أنية بينما الحرية تفجر ثورة إنسانية تلهب الفكر، وتشعل بقايا الحقيقة، وبعد فترة من نيل وهج الحرية تُسرق هذه الأخيرة فتأتي الحقيقة لتفضح سرقتها، وتجاريها بألم، لأن الحقيقة تتصالح مع الخطيئة بقلق وحذر، بينما الحرية تتجاوز الخطيئة، وتعريها، وترفضها، وتعيد الثورة إذا وَجَدت فرصة أو نافذة دون كلل، ورغم تشويهها، وتستقر في اللا جمود، وببساطة نكتشف هنا أن صوت الحقيقة جهير، وصوت الحرية ثخين، الحقيقة اعترافات، والحرية مذكرات، الحقيقة اعترافات الحرية، ولكنها في العمق الاجتماعي نجدها حذرة في الاعترافات والحكم، بينما الحرية فوضوية في الحكم، وتعيش أزمة حذر في الاعترافات مما تجعلها مباشرة جارحة منتقمة مرتفعة الصوت، وعصبية الانفعال والمزاج، الحرية ساذجة تغوص بالحقد والانتقام أحيانا كثيرة، والحقيقة ساذجة لا تعرف الحقد وتنتظر الانتقام لو بعد حين النتيجة وأشار أيوب إلى نتيجة فاعلة تحسم بأنه لا وجود لحرية مطلقة، وإن وجدت تصبح حالة ديكتاتورية بحجة حرية الفعل، وقليلة الأدب بحجة التصرف، وخاوية المضمون لأنها شبقية الحركة ومضرة بالمفعول به باختصار، وبعيداً عن المجاملة “الحقيقة والحرية” كما يُكتب، ويُنظر فيهما، ويقدمونهما عبر الكتب العربية، والمقالات الغربية، والسينما الهوليودية والعربية تحديدا، يصنعان شخصية متأزمة متنازعة الرغبات، ظاهرهما لطيف، وباطنهما كاذب، ولا ينقذهما غير المقاومة بكل فصولها وأنواعها، بشرط الهدف الجماعي المبني على مصلحة وطنية اجتماعية إنسانية شاملة حتى لو اختلفنا حول المقاومة، والمقاومة أنواع منها ما هو ذاتي، ومنها ما هو عام، وفي النهاية هي شراكة إن لم تحدث في الفعل تصيب في ردة الفعل نتيجة النصر، والنصر أنواع منه إنساني أني، وأخر إنساني اجتماعي وطني ملاحظة أخيرة وفي نهاية محاضرته قال أيوب : “بسبب استغلال مفهوم الحرية، والأستخاف بعمق الحقيقة نعيش أزمة عمر، وسبب هذه الأزمة استغلال الإعلام، والأدب والفن للحرية على طريقة – أنا حر فقط- لذلك يحق لي أن أفرض حريتي كما أشاء خاصة في حال وجود الخصم، والجمود الفكري، والغباء الإبداعي، فيخترعون المتهم، ويفبركون الشهود، ويصدرون الأحكام، ويصدقون الحكم ونقيضه، ويعيشون الكذبة حتى العبادة بحجة أنها حقيقة الحرية يخترعون القضية جراء استخدام الجنس، والدعارة، والغريزة، والشهوة، والطائفية، وما ذكرتهم من أسهل الأمور تناولا وفي الإعلام، وفي الأدب، وفي الفن، وأقصد الثقافة بشكل عام نستغل الحرية والحقيقة بـ أنا حر… وهو حر…وهي حرة…يستغلون “حر”، ووصلت إلى زمر الطوائف أيضاً بكل ما للكلمة من معنى… وفي الأدب كانت – أنا حر بحجة الحرية- تفرز السوالف الجنسية الماجنة دون هدف، والتطاول على الأخر دون مبررات، والتهجم على الفكر الذي لا ينسجم معنا بهمجية قاتلة، فقط لاستغلال أمراض المجتمع، وتحقيق نسبة عالية من المبيع على حساب الجودة والفكر المسؤول وفي الفن كلما أفلس الفنان إبداعياً سارع بحجة – أنا حر- ومن باب الحرية إلى استخدام الجنس، والغباء الرؤيوي، والحماقة التهكمية فكان فناً عبيطاً, وطرفاً في الثقافة التسطيحية وفي غالبية الإعلام الممول من جهات لا تعرفه مهنياً، بل تعرف استغلاله سياسياً، ومن أجل المكاسب الغوغائية في لعبة المشاهدة والمتابعة تم استغلال – أنا حر بحجة الحرية- حتى الجنون، والتخمة، وهات يا توظيف من ليس له علم ومعرفة وعمل، والاستغناء عن الخبرة والموهبة، وتخمة العمل الإعلامي بالجنس، بالغريزة، بالنفاق، بالفتن وفي دين داعش، ومن أجل حريتنا بالوجود، و- أنا حر، أملك أبعد من الحدود- غُرر بالشباب من خلال ممارسة كل أنواع الجنس بحجة المجاهد ومتطلباته، فشاهدنا رجال الدين يغررون الشباب بالشهادة كاختيار حر، اختيار ينبع من الشاب لأجل حور العين، وعطشه للجنس، وقام داعش وبعض رجال الدين بتدعيم نظرياتهم بالإكثار من الشواهد، والبينان، والأحاديث، والأقاويل وذلك لاكتشافهم عطش المجتمع للجنس، إضافة إلى قمع فكرة التغيير الحياتي هذه نماذج عن استغلا فكرة الحرية بتصرف أنا حر بعد ذلك فتح باب النقاش فنوه د. وجيه فانوس إلى أهمية ما جاء به الزميل جهاد أيوب من طروحات غاية بالمناقشة والأهمية، وتحدث عن سرطان الإعلام، وانحلال المجتمع، وأكد أن “الواتس أب” أهم من جميع دور النشر، وهو دور نشر أكثر انتشاراً كما تحدث د. محمد قبيسي حول أهمية ما قدمه الزميل أيوب، متسائلا عن عدم تقديم الحلول، ومشيرا إلى أننا نعيش حرية الرأي والتعبير على عكس ما عرض وفي الختام رد الزميل جهاد على الأسئلة والملاحظات، مشيراً إلى أنه قدم الحلول من خلال انفتاحنا على الأنسنة والإنسان، ففي السابق كنا نطالب الدولة والمؤسسات الثقافية أن تقدم الحلول، أما اليوم فالدول تتلاشى، والأنظمة مفككة، واستقرار الدولة في تدني، وبذلك لا مجال لنطالب من كان السبب بفشلنا بالحل، بل على الفرد أن يبحث عن حاله في حلوله وعن حرية التعبير نوه أيوب إلى أننا اليوم نعيش حرية في التعبير بشكل كبير ولكن كل يعبر على طريقته وغوغائيته، ولكن من يسمع، ومن يعير الرأي العام أي اهتمام…افتح فمك حتى تشبع رغباتك، والحاكم ينفذ ما يريد… نعيش خطورة المرحلة، وبأننا تجاوزنا القعر إلى ما دون القعر