بقلم//جهاد أيوب #نجاح حفيظ…لا نعرفها جيدا، ولكننا نعرف جيدا فنانة كبيرة تشبهها، اسمها #فطومحيص_بيص دخلت ذاكرتنا برشاقة الحضور، والبسمة الكاسحة، والطيبة العفوية، والتواجد الثاقب دون تعمد، ودون تصنع، ودون تفزلك عفوية كانت، ولم تزعجنا مهما انقلب الدور، وارتفع الصوت، وتكاثرت الحركة والايمائيات، وذهبت من الاداء الكوميدي إلى لحظة درامية مشبعة بثقافة فنانة فطرية تعشق التمثيل حتى ذاب التمثيل فيها فطوم حيص بيص فرضت وجودها يوم كان الفن السوري التلفزيوني يعتمد على ثالوث الدراما آنذاك #دريدلحام “غوار الطوشة”، و #نهادقلعي “حسني البرزان”، و #رفيقسبيعي “أبو صياح”، كانت نجاح تبحث عن فرصة لنجاحها، وكان العديد من الاسماء تشاركها البحث رغم بدايات شهرة ذاك الثالوث الذي أصبح ثنائيا تحت لواء ” دريد ونهاد”، وكان ” #صحالنوم” الحدث، و بداية النجومية الصارخة الفعلية رغم البدايات التأسيسية مثل ” #حمامالهنا”، و ” #مقالبغوار”، وغيرها من أعمال صغيرة، وضعيفة، ومتواضعة “صح النوم” بداية تأسيسية لكثير من نجوم سوريا وصولا إلى العالم العربي، وفي مقدمة هذه النجوم نجاح حفيظ حيث أصبحت فطوم، وياسين بقوش وأبو عنتر هذه الاسماء طغت على الاسم الحقيقي لأصحابها، لتصبع اسماء فاعلة اختزلت كل الأدوار، وكان لفطوم حيص بيص الانتشار الأكبر، ركب عليها النكت، وصنع حول اسمها السوالف الضاحكة، واحيك حول شخصيتها الفنية الكثير من القصص الجميلة حاولت نجاح أن تخرج من فطوم دون جدوى، ولعبت الكثير من الأدوار لكننا لم نتقبلها إلا بكركتر فطوم كما حال غوار وياسينو وأبو عنتر وأبو صياح، ربما غوار وأبو صياح تخطا مع الزمن والعمر والشيخوخة تلك الشخصيات بذكاء من رفيق ودريد، وهذا الأخير بصعوبة تقبل الجمهور العربي ما لعب من أدوار خارج “غوار” وبحذر، بينما الأسماء الآخرى التي ذكرت لم تفلح رغم تجريبها، وتنقلها من حالة إلى حالة، وسجناهم بكركتر يشبهنا، ويعيش بيننا، ويفرض بصمته هنا وهناك وفي كل الاحوال، أردنا مرافقتهم لنا، واصبحوا من الذاكرة الشعبية العربية دون مقدرة على الغاء صورها فينا ومعنا وفي فنوننا فطوم حيص بيص من واحات ذاكرتنا الفرحة، ومن البصمات الضاحكة الكبيرة، وكلما الأجيال الجديدة تتعرف عليها تعاود اكتشافها، والتعلق بها كحالة رفاق دربها ممن ذكرت لها نكهتها ونوعها ولونها، وفرضت فطرتها بدقة، واستمرت بممارسة تقديم أدوارها بالفطرة وهذا ما ابقاها متربعة في الذاكرة، واصرت أن تسبق طلتها بجلجلات ضحكتها فصرنا نعلم بقدومها قبل مشاهدتها فطوم نكهة في الكوميديا العربية لا نمل منها، ولا نشعر بأنها انهكت، وقيمتها بأنها أصبحت ذاكرة ستدرس كشخصية شعبية عبر كتاب الفنانين المقبلين فطوم هي نوع في الكوميديا العربية لم تتصنع في فرض البسمة، ولم تهرج وتتعمد الحركات البالية والغبية والساذجة كي نضحك على الممثل، بل فرضت علينا بفضل نوع ما تقدمه أن نضحك على الدور، وهذا جعلها تتربع وتتفوق في الذاكرة العربية، وليس السورية فقط فطوم هي لون في لعبة الكوميديا المشغولة بدراما الموقف، تصل في لحظة إلى الملودراما لتشغل فكرك ودموعك، وبسرعة البرق توصل لك دراما الكوميديا لتشعل فيك البسمة دون زمن وتطويل الاداء، وهذا هو سحر الموهبة الفطرية قد يعيب على فطوم أنها لم تثقف شخصيتها، فبقيت سجينة فطوم، ولكن مع الزمن اكتشفنا أن أجمل ما في موهبة نجاح حفيظ عدم ثقافتها لأنها حافظت على فطوم الشعبية والطبيعية، ولم تنظر فيها وحولها، لذلك في كل اطلالة تلفزيونية لها نراقبها بحب ومحبة وعطف، ونشعر بمعرفتنا لها كواحدة قريبة منا، وقد تكون جارتنا، وبانها ليست غريبة عنا رحلت فطوم حيص بيص مساء السبت الماضي في زحمة سقوط الوطن السوري، حملت معها كل تلاشي صورنا ونحن نمزق وطننا، امسكت بالشمس في يد، وفي اليد الثانية زرعت داخل تراب سوريا كل جهود فرحها وشخصية فطوم، واعمالها الإذاعية، والسينمائية، والمسرحية، والتلفزيونية لعلنا نستكشف أصول الفن الفطري المشغول بتعب وهموم وفرح وأحلام الناس البسطاء والغلابة والأثرياء رحلت فطوم وفي البال أوجاع كبار من بلادنا يسقطون مع كل وطن يسقط بفضل ابناء تمترسوا في خنادق ضالة لا تعرف قراءة تاريخها رحلت نجاح حفيض أو فطوم حيص بيص كي تصفعنا، ورغم أنها في هذا الرحيل ارتاحت لكونها لم تعد تشعر، وتحس، وتتلمس، وتشاهد اوجاع سقوط الوطن، ولكنها تركتنا نتخبط بكذبة العيش والمصير، ولنتكالب على تجريح تحطيم الإنسان في الوطن وفكره وفنه وثقافته فطوم أنت ذاكرتنا الشعبية اتفقنا معك أو نظرنا على الفن الفطري، لكوننا نحب الطعن بالسكين، ونعشق الغدر