تختلف الآراء بين من يؤيد او يعارض ضرورة وجود “هوية فنية” عند الفنان، بعضهم يعتمد مبدأ ان على المغني تأدية كل الألوان وان ينوع في مسيرته كما وعلى أعماله ان تتضمن مختلف اللهجات العربية لمزيد من الإنتشار وبعضهم الآخر ينطلق من قناعة ذاتية ان الفنان ينوع في أعماله الى ان ينضج فنياً فيكتشف هويته والقالب الذي يناسبه بحيث يتربع على عرش فئة معينة من الجمهور . بين من يطمح “لإرضاء الجميع” ومن يسعى لإكتشاف ذاته “وسط الجميع” تبرز بعض الأعمال والأحداث الفنية التي تنال شهرة واسعة فتفرض على صاحبها الخيار الفني الأفضل لمسيرته المهنية …لست أدري اذا كان هذا حال الفنانة مي مطر لكنني على ثقة انها اصبحت معيار صعب ونادر لللون الرومنسي. نوعت في أغانيها الا انها لم تسعَ يوماً لإعتماد خطة تسويقية تهدف لإنتشار اوسع لها وظلت “مدرستها الرومنسية” تعتمد على العاطفة والإلهام لكنها لا تبتعد ابداً عن المنطق. في الصيف لونت مسيرتها بأغنية “نحنا” الشبابية والشعبية تركت بصمة جميلة وسط جيلٍ يفتش عن منفذ للهرب من هموم سنة ٢٠٢٠ القاسية خاصة على لبنان وحالياً  مع اقتراب فصل الشتاء علمنا انها في صدد تحضير أغنية جديدة تحمل طابعاً هادئاً وحالماً بتوزيع أوروبي لتعود بهذا العمل الى قواعدها الرومنسية

وقد نشرت منذ ايام على خاصية القصص (ستوري) على انستقرام فيديو يظهرها وهي في الاستوديو تسجل عملها الفني الجديد
الأغنية ستحمل عنوان “بالمبدأ” من كلمات وألحان وغناء الفنانة مي مطر، اما التوزيع النهائي فلطوني بوخليل وتعكس الأغنية صراع حبيبين بين الفراق او الاستمرار معاً و من المقرر ان تصورها على شكل فيديو كليب من اخراج فالنتينا خوند

يتحكم اللون الرومنسي العابق بالشجن على مسيرة مي مطر وهذا ما يجذب فئة كبيرة من الناس لمتابعتها فيتساءلون عن سر نجاح اغانيها رغم انها تتضمن الشوق اكثر من اللقاء، الألم اكثر من الفرح لذا يضع احياناً الجمهور اللوم على تجاربها خاصة وكأنهم يؤكدون ان ما تكتبه، تلحنه وتغنيه هو من واقع حياتها وهنا قد يكمن الخطأ…هل هو من واقع حياتها او من واقع مجتمعها؟!؟ 
لذا سرقنا النظر الى عالمها الحقيقي، مي مطر استقبلت العديد من أهل الصحافة وصورت مقابلات تلفزيونية كثيرة في دارتها فلم يكن صعباً مقارنة اعمالها الفنية بذوقها في ترتيب منزلها ليتبين انه مؤلف من زوايا عديدة لكل زاوية لون، منها غربية، أخرى شرقية، بعضها عصري والبعض الأخر رومنسي اما الجدير ذكره ان اللوحات الفنية تزين كل زاوية في منزلها !! وجميعها تعكس اجواء دافئة، الوان ترابية واخرى نارية الا انها مليئة بالحركة والانماط السريعة. لذا فاعمالها لا تعكس بالضرورة حياتها كما يحب ان يصدق المستمع لكن يختار الفنان ما يناسبه من أغانٍ، ففي حال وجد أن اللون الشعبي لا ينصف صوته عليه ألا يقتحم هذا الغمار بصورة اساسية خشية الفشل او التقليل من قدرات صوته، المهمّ الإحساس بكلمات الأغنية وألحانها حتى يكون الأداء كتلة مشاعر تغوص في اعماق المتلقي فما حال ان يكون المطرب هو نفسه الشاعر والملحن؟
للكلمة قيمة كبيرة في خيارات مي مطر الفنية، مع كل عمل تقدمه تأبى إلا وان تختمه بجملة وإمضاء . كل أغنية تشكل رسالة منها لمن يتابعها، لكل عمل هدف تصيغه بكلماتها ترسم طريقه بلحنها تؤكده بإصرار كبير بصوتها وحتى تتأكد بانه واضح تلخصه بجملة كنصيحة وتضع بصمة الختام بإمضائها
وهناك من رأى بمي مطر هذا المسار المتقن بأعمالها فعكس ذلك بلوحات فنية لابد من التوقف عليها
لوحتان تعكسان هوية مي مطر الفنية . الأولى من امضاء
“رالف غياد” مؤسس المنصة العالمية، WAFFF صالة العرض التي تجمع اعمال فنية صُنعت خصيصاً لعمالقة اهل الفن

في هذه اللوحة نصف وجه يرمز لوجه مي وبدل نظرة العين، نظرة فنية بنوتات موسيقية تحملك الى عالم الاحساس والمشاعر. لوحة تعكس جمال مي مطر سواء بفنها او بطلتها
“بس تشتاق، ما تشتاق تشوف، اشتاق تحس” بهذه الجملة ختمت كليب اغنيتها : وحيدي
تماماً كما وصفها تصميم رالف غياد

اما اللوحة الثانية فهي بخط انطوان خوند ابن ال ٢٤ عاماً الذي خططت يداه وجه مي مطر المبنية على الكلمة لترسم الصورة

والملفت ان الرسمة تنطلق من إمضاء الفنانة مي مطر
يعمد هنا الفنان التشكيلي الى الأسلوب المعروف (بالحروفيّة) بحيث يتخذ من المعطيات التشكيليّة للحرف العربي، متكأً للخروج برسم معاصر.

صانعا اللوحتين يملكان موهبة فريدة من نوعها ونجحا بسهولة بنقل الهوية الفنية الواضحة لمسيرة الفنانة مي مطر

بإنتظار ان تبصر اغنيتها الجديدة النور، اثبتت حتى الان المطربة مي مطر انها تملك نظرية ثالثة، لا مع ولا ضد الهوية الفنية بل ان الفن نفسه، هو هوية المجتمع واغانيها صور من هذا المجتمع.