ارهاب من نوع آخر نضعه بتصرف جمعيات حقوق الانسان والقضاء في لبنان علّ من يقومون بمثل هذه الاعمال الميليشياوية يرتدعون

“قبل السحسوح، بعد السحسوح”… عبارة انتشرت في الأيام الأخيرة مترافقة مع فيديوات لتعذيب مواطنين وترهيبهم وإجبارهم على الاعتذار من رموز سياسية ودينية، تُظهر وكأننا نعيش في غابة يقوم فيها “الشبيحة” التابعون لزعماء، بخطف وضرب وإذلال كل من تسوّل له نفسه التعرّض لـ”كبيرهم”، وكأن كرامات الناس لا قيمة لها، فالأولويه بالنسبة لهم الحفاظ على صورة مرجعيتهم وعدم السماح بكسر التابو الذي “دعّموه” منذ سنين

من لؤي ش. إلى محمد يـ. وغيرهما العديد ممن دفعوا ثمن التعبير عن مواقفهم، فكان الترهيب بانتظارهم

واحدة من الحوادث والفيديوات المؤلمة التي تمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام، ما حصل مع لؤي، وبحسب ما شرحته شقيقته ناريمان لـ”النهار” أن “ذنب لؤي أنه انتفض على الفقر والحرمان، ونزل كما مئات آلاف من الشبان إلى الشارع ليطالب بحقوقه، ونشر كغيره من الناشطين على فايسبوك رأيه بما يحصل في لبنان، وبعدما نشر صوراً لزعران يقومون بضرب القوى الأمنية والفتيات، تربّصوا له، ومن خلال مكمن أوقفوه، اعتدوا عليه بالضرب وأجبروه على الاعتذار

مكمن ترهيبي

لؤي يعمل سائق سيارة أجرة، تلقى اتصالاً يوم الجمعة الماضي، كما قالت ناريمان، لنقل زبون من المطار إلى حارة صيدا، وما إن وصل إلى الحارة حتى هجم عليه نحو 40 شاباً، أبرحوه ضرباً، لينقلوه بعدها إلى أحد الكاراجات ويُجبر على تسجيل فيديو الاعتذار. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي اليوم التالي، وأثناء توجهه الى كفرشوبا لزيارة جده، كسرت عليه سيارة ما أدى إلى تدهور مركبته، نُقل على إثر الحادث الى المستشفى، حيث طمأننا الاطباء أنه لم يتعرض لكسور بل لرضوض، لكن الأثر النفسي الذي تركه اعتداء الزعران عليه وذلّه وإهانته أكبر بكثير من أي كسر وجرح جسدي، هو الآن في وضع صعب، لا يتكلم مع أحد، تنتباه حالة عصبية بين الحين والآخر”، وعما إذا تعرّف على المعتدين عليه، أجابت” نعم، لا سيما الشخص الاساسي الذي يقف خلف خطفه، وقد ذكر اسمه في التحقيق وننتظر من القوى الامنية إيقافه وكل من شارك معه في ترهيب شقيقي وغيره من المواطنين

وبعد الاعتداء على لؤي سطّر المدعي العام في الجنوب القاضي رهيف رمضان برقيات إلى الأجهزة الأمنية للعمل على معرفة هوية الأشخاص المعتدين وتوقيفهم وإحالتهم إليه، إلا أنه كما قال مصدر في قوى الامن الداخلي لـ”النهار”، لم يتم توقيف أي منهم حتى الآن

مشهد مشابه

وفي مشهد أقل ما يقال فيه إنه بربري، نُشرت صور وفيديوات للشاب محمد يـ. الذي ضُرب هو الآخر في حارة صيدا، وقد بدا واضحاً تدفق الدم من فمه وقيام أحد الأشخاص بحلق شعره، مع التنديد بشتمه للرئيس نبيه بري وإجباره على الاعتذار منه. ذنب محمد، كما قال أحد معارفه، بعدما رفض أي من أفراد عائلته التعليق: “التقط صورة أمام مكب للنفايات كُتب عليه اسم رئيس مجلس النواب حيث قام بنشرها في صفحته على فايسبوك، لتفتح عليه أبواب الجحيم”، متسائلاً: “بكل ما للكلمة من معنى دُمّرت نفسيته، فما عاشه من لحظات رعب وخوف وإذلال لا يمكن أن يتخطاه بسهوله، أين الدولة من هؤلاء الزعران؟ لماذا لا يتم توقيفهم ومعاقبتهم؟ هل بات التشبيح على عينك يا تاجر؟”

إنكار وإدانة

حتى الآن لم توقف الأجهزة الأمنية، كما قال مصدر قوى الامن الداخلي، أي شاب شارك في خطف وإذلال الناس. وبعد أن وُجه إصبع الاتهام إلى مناصري “حركة أمل” و”حزب الله” بالوقوف خلف سلسلة الفيديوات المشينة، أصدرت حركة “أمل” بياناً نفت من خلاله أي علاقة لها أو لأي من عناصرها بما يتم التداول به على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام من فيديوات مصورة لمواطنين تعرضوا للخطف والتعذيب تحت حجة الاساءة للرموز السياسية والدينية، وبعد إدانة الحركة الإساءة للرموز والقيادات على مختلف مستوياتها، هي أيضاً أدانت كما ورد في البيان “مثل هذه الممارسات الشاذة التي لا تنسجم مع القيم الرسالية التي تؤمن بها الحركة ومجاهدوها وفي مقدمها حرية التعبير عن الرأي والانفتاح على الآخر، داعية “السلطات القضائية الى التحرك العاجل لملاحقة المرتكبين والمفبركين لمثل هذه الافعال المدانة، كما تدعو كافة وسائل الإعلام المحلية منها والعربية الى توخي الدقة قبل نشر مثل هكذا أخبار”

ما حصل ليس فقط مداناً بل هو جريمة “قتل نفسية” كل من تجرأ على تخطي “الخطوط الحمر

المصدر: النهار