زار رئيس جمهورية اليونان بروكوبيوس بافلوبولوس دير سيدة البلمند البطريركي، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى لبنان. وكان في استقباله بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي

بداية، رفع اليازجي صلاة الشكر بمشاركة المطارنة والاساقفة أعضاء المجمع الانطاكي، رئيس دير سيدة البلمند البطريركي الارشمندريت رومانوس الحناة، وفي حضور وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للشباب والمرأة فيوليت خيرالله الصفدي، السفير اليوناني في لبنان فرانسيسكوس فاروس، سفيرة لبنان في اليونان دونا الترك، النواب: جورج عطالله وانيس نصار، رئيس جامعة البلمند الدكتور الياس وراق، مدير ثانوية البلمند عطية موسى، والاسرة البلمندية

بداية، كانت كلمة للبطريرك يازجي، قال فيها:”منذ قديم العصور عانق أجدادنا أرض اليونان وحملوا إليها في سفنهم ورق الكتابة وحرف الأبجدية. واستمر التبادل الحضاري بين أوطاننا مع مجيء الإسكندر الكبير إلى نواحينا ونقله إليها ذخيرة لا تثمن صبغت ثقافة المنطقة والمدن الساحلية على شواطئ المتوسط، وهي اللغة اليونانية وما تكتنزه من نفائس حكمة الفلاسفة وخطابتهم ومنطقهم وفكرهم الاجتماعي والسياسي والإنساني الشامل. هكذا اغتنت الحواضر العريقة في بلادنا بعلوم أثينا وهندستها وأخلاقياتها ورقيها، وباتت مدنا كبرى تشهد للميراث الثقافي والحضاري الهلينستيين. فكانت أنطاكية مدينة الله العظمى بوابة البشارة إلى العالم
وقد مرت منطقتنا بحروب كثيرة وأزمنة صعبة تحدت وجود الكنيسة وشهادتها في الشرق المسيحي. لكن نور الإنجيل ما زال يضيء ههنا، ويشهد للعالم أن شعلة الإيمان الحقيقي لا تنطفئ بل تزداد تألقا حين تدخل الكنيسة في أتون التجارب
وكان لإخواننا في بلاد اليونان إسهام حقيقي في الحفاظ على ألق الكنيسة الأرثوذكسية في العالم وأصالة شهادتها ورسالتها للعالم

أضاف: “الغنى اللاهوتي والروحي لكنيسة اليونان يجعل منها بحق قلب الأرثوذكسية النابض. إذ قد عرف أجدادكم كيف يقاومون كل من حاول العبث بقيمهم الشريفة أو المساس بمكانة الكنيسة في حياتهم ومجتمعهم. وهذا ما جعل لدولة اليونان مكانة فريدة في عالمنا المعاصر
نحن مقتنعون بأن دولة اليونان والكنيسة اليونانية المباركة يمكنهما أن تلعبا الدور الريادي في لم الشمل ورصف صفوف العائلة الأرثوذكسية عبر العالم
لطالما اشتركت بلادنا في احتمال الألم والنضال من أجل الحرية والكرامة. أنتم تعرفون جيدا أن للاستقلال ثمنا باهظا من التضحيات لا بد من دفعه. هذا ما خبره شعبكم ودولتكم الكريمة في اليونان، وهذا ما اختبره شعبنا، عبر تاريخ منطقتنا الصعب. ونحن ما زلنا منذ ستة أعوام ننتظر برجاء عودة مطراني حلب بولس ويوحنا مع سائر المخطوفين والمفقودين. وعلى الرغم من صعوبة الرعاية وعمل الكنيسة في هكذا ظروف، نؤكد لكم أننا باقون كمسيحيين في الشرق الأوسط وأن وجه المسيح لن يغيب عن مهد المسيحية في بلادنا

وتوجه الى الرئيس اليوناني بالقول: “إن حضوركم اليوم في رحاب كنيستنا وفي لبنان، في بلد العيش الواحد، لهو خير تعبير عن التضامن الأخوي. له رمزيته وله وقعه وتأثيره في عملنا وفي رسالتنا في هذه المنطقة. هذه التلة المباركة المنحنية تحت أجراس دير السيدة في البلمند لطالما كانت مركز إشعاع علمي ولاهوتي في كل أرجاء الكرسي الأنطاكي في العالم. قدمت للكنيسة لاهوتيين ورعاة حفظوا وديعة الإيمان ونقلوه إلى الأجيال اللاحقة. وكان لدولة اليونان وكنيستها وجامعاتها وكبار لاهوتييها وأساتذتها إسهامات في تعليم معهدنا اللاهوتي والتعاون التاريخي المثمر ما بين مؤسساتنا التربوية والتعليمية. لذا يفرح دير سيدة البلمند، وكنيسة أنطاكية كلها، بكم وبالإخوة الكرام المرافقين لكم
إننا نصلي لكي يحفظ الله بلاد اليونان قلبا نابضا بالمسيحية ونورا مضيئا للأمم من جيل إلى جيل. أهلا وسهلا بكم في بيتكم
هذا ويشرفني أن أقدم لكم باسم كنيستنا الأنطاكية وسام القديسين بطرس وبولس بأعلى رتبة عربون شكر وتكريم وتقدير على عطاءاتكم وإسهامات بلادكم لما فيه خير كنيستنا وشعوبنا

بافلوبولوس
وألقى الرئيس اليوناني كلمة قال فيها: “بتأثر ورع وفخار وطني، أزور، بصفة رئيس الجمهورية، دير رقاد السيدة المقدس، هذا المركز المحوري للبطريركية التاريخية القديمة في مدينة الله العظمى أنطاكية
وأذكر بأن أنطاكية، عبر تاريخها الطويل، استعلنت مركزا للحضارة اليونانية له مكانته. وهذا التقليد الذي لا يثمن يستمر فيه كرسي أنطاكية الرسولي، الجامع تراث الفلسفة في الأزمنة الهلينستية، وآباء الكنيسة العظام، وناظمي تسابيح الأرثوذكسية الكبار
من واجبي أن أعترف علانية لغبطتكم، باسم الدولة والشعب اليونانيين، أنكم بصفتكم القائد المتمايز لبطريركية أنطاكية التاريخية القديمة تدافعون عن التقليد المذكور أعلاه بالكامل، مؤازرين، في الوقت عينه، عمل بطريركية القسطنطينية المسكونية. وبناء على هذه المعطيات، تحرسون كما يليق، مع رؤساء الكهنة المكرمين، والإكليروس المقدس، وفي ظروف هي في غاية الصعوبة، شهادات التقليد التاريخي لهامتي الرسل

وختم: “أخيرا، لدي إدراك كامل للشرف الرفيع الذي تحيطونني به، بتقليدي وسام الرسولين بطرس وبولس. كونوا واثقين بأني سأفعل كل ما بوسعي لكيما أظهر مستحقا لهذا الشرف الكبير

وتم بعد صلاة الشكر، استقبال للرئيس اليوناني في قاعة الدير حيث عبر البطريرك يازجي عن فرحته بوجود الرئيس اليوناني في البلمند والكورة. بدوره، شكر الرئيس اليوناني البطريرك على الاستقبال معبرا عن فرحته بتقليده وسام القديسين بطرس وبولس، لافتا الى أن “البلمند هي امتداد لانطاكية والارثوذكسية في العالم
وتم تبادل هدايا وصور تذكارية ووقع الرئيس على سجل الدير قبل المغادرة

ميشالا ساسين