الحلقة الثالثة
كانت هذه الشقراء الفاتنة أميرة تنتمي لاحدى الأسر الحاكمة وكانت على جمالها فنانة حساسة متواضعة ورائعة في كل شيء، ولهذا كان عمرها قصيراً، كانت تهوى الموسيقى والغناء ومن المعجبات الولهانات بالمطرب الوسيم الذي أُعجب بأسلوبها الشعري، حيث كانت تكتب الشعر، ويوم هجمت عليها زوجته ذهب بها المطرب الدونجوان إلى بيت أحد أصدقائه وهناك بكت الأميرة العاشقة وكتبت أغنية عمد المطرب في الليلة ذاتها لتلحينها على الفور، لكنه سجلها فيما بعد بأسم شاعر وهمي كي لا يُكشف أمر علاقته بالأميرة.. وشهد بيت صديقه قصة غرامية عنيفة بين المطرب والأميرة الشقراء، التي عرف كيف يغزو قلبها كما سبق أن غزا قلوب العذارى وغيرهن في القصور والطبقة الراقية من خلال صوته وهمساته وتنهداته التي يسكبها في آذانهن بأحلى العبارات.. وأغدقت عليه الأميره حبها وهداياها الثمينة، وعرفت زوجته المليونيرة بعلاقة زوجها المطرب وأشاعت الخبرية حتى وصلت مسامعها لأسرة الأميرة، فثار أفراد العائلة وهاجوا وماجوا وتوعدوا المطرب ورفضوا إرتباط ابنتهم به، لأن الزواج غير متكافىء وسيكون فضيحة للأسرة الحاكمة.. وتمسكت الأميرة بحبها وأصرت العائلة على الرفض، وهربت إلى حبيبها تطلب منه وضع عائلتها أمام الأمر الواقع لكنه فاجأها بردة فعله حيث أصر على أن تترك المشكلة للزمن فهو وحده كفيل بحلها، ولم تقتنع الأميرة بمنطق المطرب، وهنا تأكدت انه لن يستطيع حمايتها من أسرتها وبطشهم فقررت الإنتحار ، وفي الليلة نفسها دخلت إلى غرفتها في القصر وأشعلت النار بنفسها وماتت بسبب المطرب الذي لعب بعواطفها وجعلها أسيرة حبه
وإستحالت الحياة بين المطرب والمليونيرة وتحولت الفيللا التي يسكنان فيها إلى جحيم، صارت تغار عليه بشدة وتهين معجباته وتراقب تصرفاته وتحركاته عبر جواسيسها، وصارهو يُفضل العيش في كوخ بدلاً من الفيللا التي ضاقت بالحب والهناء، وأخيراً ضحى بجميع مظاهر الترف وقرر الأنفصال عن المليونيرة الولهانة التي ما لبثت أن رفعت دعوى ضده تطالبه فيها بمبلغ على انه دين لها في عنقه، وكانت مُصرّة على أن يحضر إلى المحكمة ليُقسم اليمين فاذا فعل قررت أن تتنازل عن دعواها ضده وعن المبلغ، وفوجئت به يذهب إلى المحكمة ويُقسم اليمين كذباً عندها تنازلت زوجته المليونيرة عن دعواها.. أما حكاية هذا المبلغ فكانت عندما إشترت قطعة أرض كتبتها بإسمه ولما أحب سواها طالبته بدفع ثمنها، فكان ينافقها ويُسايرها حتى تنسى وتغض النظر، وظلت تطالبه تارة وتتراجع تارة أخرى حتى رأت خيانته لها بعينيها عندها رفعت ضده الدعوى بصورة جدية ولم ينته الخلاف بينهما إلا عندما أقسم كذباً تهرباً من دفع ثمن الأرض
ولعلّ العقدة الثانية التي كان يُعاني منها المطرب هي أنفصام الشخصية، إذ كان يُغالي بكرامته جداً وذلك عندما رأى بعض الناس كيف تحتقر الفنانين، ومن هنا وضع طريقة جديدة لأسلوب حياته وآداباً للفن الذي يُقدمه ويقول في إعترافاته:” لقد نشأت في جو ينطوي على نظام الطبقات ولما أندمجت بحكم صلتي بالشاعر الذي تبناني فنياً بالطبقة المخملية كان عليّ وانا مغن ناشىء من صميم الشعب أن أعاملهم الند للند، فكنت أحترم نفسي، بل وأبالغ في هذا الأحترام إلى أقصى درجة فلا أشعرهم انني في حاجة اليهم بقدر ما هم بحاجة اليّ، فلا أسعى اليهم ولا لسهراتهم ودعواتهم وانما هو من يسعون اليّ، فالوزير يطلبني فيقال له اني معتكف فيستنجد برئيسه لكي يدعوني بنفسه، ومن هنا قيل عني اني متكبر ومتعال والحقيقة اني كنت أعيش شخصية بعيدة عن حقيقتي، شخصية أبن البيئة الفقيرة
(يُتبع)