أما الموسيقار المعروف، فله قصة أيضاً مع السحر، قصة مثيرة استمرت لسنوات ولم تنته فصولها قبل أن ينفصل عن زوجته، وتتدمر حياته بالكامل، كان على علاقة عادية بمغنية، لكنّه وجد نفسه فجأة يميل إليها، فإذا غابت عنه اشتاقها، وإذا انقطعت عن مهاتفته يطير صوابه، يوماً بعد يوم اكتشف أنه أسير حبها، وراح يُغدق عليها بأجمل الألحان، ويساعدها في تعزيز اسمها ومكانتها في عالم الغناء، ثم قدَّمها في عدد من الحفلات الكبرى، والمهرجانات الدولية، وحوَّلها إلى نجمة غناء شهيرة، وحين تملَّك به العشق، طلَّق زوجته أم أولاده وارتبط بالمغنية، التي بدأت تضع عليه شروطاً تعجيزية، كي تقبل الزواج منه، فقدم لها كل أوراق اعتماده، وعقدا قرانهما، ليفاجأ الوسط الفني بزواجهما السريع، خصوصاً وأنّهما كانا ينفيان أي علاقة تربطهما.. تحوَّل الموسيقار الكبير بعد الزواج، إلى مدير أعمال للمطربة، وسكرتيرها الخاص، ومرافق لرحلاتها، ونسي أنّه الملحن الكبير، وله اسمه وثقله في الوطن العربي، بات لا يرفض لها طلباً، حتى لو طلبت منه لبن العصفور، وكان يسخِّر كل علاقاته مع المسؤولين في محطات التلفزيون، والقيّمين على المهرجانات الكبرى، كي تُكسب محبوبته مزيداً من السلطة والأضواء..أهمل طليقته وأولاده، لكنّه في يوم شعر بالشوق لأطفاله، فقصد منزل العائلة، ليُمضي معهم بضع ساعات، لكنّ المغنية فاجأته باتصالها وثورتها العارمة، وعلى الفور أغلق الهاتف معها، وبدا أمام أولاده مثل طفل صغير، يخشى عقاب أمه، بعد ساعة كان ماثلاً أمامها، وراحت تنهال عليه بالتقريع واللوم، ومذاك سيطرت عليه تماماً، وكان كلَّما سألها عن أسباب منعها له من رؤية أولاده، تحججت بأنّها تغار عليه، وتخاف من فتنة طليقته
ذُهل كل من في الوسط الفني، لتبدِّل حال الموسيقار، خصوصاً حين انفصل عن أم الأولاد، التي ارتبط بها عن حب، وهي كانت تحدَّت أهلها، الذين رفضوا أن تتزوج ابنتهم من فنان، وفوق ذلك فهو غريب وليس من بلدها، وكان الزواج قد تم تحت إصرارها، حتى أذعن الأهل لرغبة ابنتهم مجبرين، لا مخيّرين، مرّت الأيام وأحوال الملحن في تراجع، بينما أسهم زوجته في تقدِّم مستمر، وكان يزداد تعلقاً بها، ويتصرف تجاهها بسذاجة، كشاب مراهق وقع لتوِّه في الغرام، وكانت المطربة تستخدم كل أنواع السحر، لتسيطر عليه أكثر، وكان كل همها بعد النجومية، أن تأخذ ما أمكن من رصيد الموسيقار، الذي صار يشعر تدريجياً بأطياف وصفها بالأشباح تطارده باستمرار، حتى وصل إلى درجة الإنهيار، اعتكف الملحن في منزله، منفصلاً عن العالم، بعد أن وقعّ توكيلاً شاملاً لزوجته المغنية، التي ما أن حصلت على توقيعهِ، حتى أهملته تماماً، فراح يجوب الشوارع هائماً.. علمت عائلته بحاله، وأيقنوا أنه يعيش دوامة من الضياع، فتملّكهم الحزن لما أصابه، وسرعان ما أُدخل المستشفى، لكنّ الأطباء يئسوا من حالتهِ، فأجمعت العائلة على قرار سفرهِ إلى الخارج وهكذا كان، يعترف الموسيقار بعد سنوات من التجربة المريرة، أنّه وعقب عودته إلى بلده، كانت العلاقة شبه مقطوعة بزوجته الساحرة. وكلّفه طلاقه منها الكثير من صحته، وثروته التي جمعها، على مدى سنوات، بتعب ومثابرة، ويروي أنّه علم فيما بعد، أنّ المغنية لجأت للسحر، وحكى لنا كل الحكاية، وفسّر لنا ما فسّره له الشيوخ المؤمنون، ببطلان مفعول السحر الأسود بعد مدة من الزمن، إذ ينقلب السحر على الساحر، حسب اجتهادات المتابعين ومنهم شيوخ مشاهير، لكنّنا لم نصدق لأنّ المغنية الساحرة، ما تزال نجمةً كبيرة، ولم يرتدّ عليها السحر، بل هو، أي الضحية، أي المسحور، هو من خسر كل شيء، لأنّه لم يكن يحمي نفسه بالإيمان والمعرفة، ولأنّه لم يُقاوم رغباته، التي كانت تمليها عليه قوى الشر وبعد..ماذا عن سيدة المجتمع وعلاقتها بالمشعوذ الخطير؟