فجرت قضية انحراف جهاز المخابرات العامة المصرية عام 1968، الكثير من المفاجآت، خاصة العلاقات الآثمة التى ربطت فنانين وفنانات من الوسط الفنى بعمل المخابرات، واستخدامهم لأهداف معينة عن طريق تسجيل فيديوهات جنسية بين أشخاص تستهدفهم المخابرات سواء عرب أو أجانب أو مصريين، والتى كان يتم تجنيدهم فى الغالب بعد تعرضهم لضغوط وتهديدات بكشف فضائحهم بعد استدراجهم وتصوير أفلام جنسية لهم مع شخصيات من صنع المخابرات، حيث إن أغلب نجوم الفن تعرضوا لضغوط من المخابرات للعمل لصالحها حتى “فاتن حمامة” لم تسلم من هذه المحاولة وكذلك لبنى عبد العزيز، ونرصد أبرز هذه الشخصيات ودورها فى المخابرات:
اعتماد خورشيد
لعبت الفنانة اعتماد خورشيد دورًا مهمًا فى مطلع التسعينيات بعد الاعترافات المثيرة التى أدلت بها فى الكتاب المشهور “شاهدة على انحرافات صلاح نصر” فى نهاية 1989، والذى طبع ست مرات خلال ثلاثة أشهر، فقد تزوجت “اعتماد”من المصور أحمد خورشيد الذى يكبرها بـ27 سنة، وأنجبت 3 أبناء, وهى تنتمى للأسرة المالكة وهو السبب الرئيسى وراء معاناتها المريرة من صلاح نصر رئيس المخابرات العامة المصرية الذى تزوجها رغمًا عن زوجها.
وقالت خورشيد إنه لم ينج من مخالب الشيطان الأصغر لصلاح نصر، محمد صفوت الشريف إلا ثلاث فنانات هن لبنى عبد العزيز وفاتن حمامة وشادية والمذيعة اللامعة ليلى رستم، وتحتفظ الفنانة مريم فخر الدين بشرائط تسجيل حاول فيها الشريف الضغط عليها لتجنيدها، ووقعت خورشيد تحت يد المخابرات بعد تسجيل فيديو جنسى لها مع أحد عملاء المخابرات ويدعى كمال الهلباوى فى شقة بمصر الجديدة بعد فشل أحد رجال المخابرات بعمل علاقة معها بعد انتحاله صفة رجل أعمال ليبى.
برلنتى عبد الحميد
بدأت قصتها مع السياسة بعد زواجها العرفى من المشير عبد الحكيم عامر، ونظرًا للدواعى الأمنية التى تتطلب عدم معرفة مكان المشير وتحركاته، كان المشير حريصًا على ألا يعرف الناس بزواجه، وكذلك كانت رغبة الرئيس جمال عبد الناصر.
وقام جهاز المخابرات آنذاك، بقيادة صلاح نصر، بعدة تحريات عن برلنتى عبد الحميد، بعد الارتياب فى كونها جاسوسة مدسوسة، تستغل علاقتها بالمشير لتسريب أسرار البلاد، وأثبتت التحريات براءتها من كل تلك التهم.
السندريلا فى قبضة المخابرات
فارقت سعاد حسنى الحياة منذ سنوات، وبقى لغز حياتها ومماتها حاضرًا ومحيرًا رغم رحيلها، مع مرور السنين أسدل الستار على بعض أسرار سندريلا السينما المصرية، وتسارعت الأحداث وتصريحات المقربين منها لكشف المستور.
سعاد حسني، التى تربعت على عرش النجومية بسرعة فائقة، لم تستطع الإفلات من قبضة «الواجب الوطني» الذى جعلها تدخل غمار المخابرات مجبرة، تحت قناع الفنانة الدلوعة، «سندريلا» كان مجرد اسم ضمن لائحة من السيدات والمشاهير اللاتى تم استغلالهن من طرف الثنائى صلاح نصر، أشهر رئيس لجهاز المخابرات المصرية، وصفوت الشريف، وزير الإعلام والمسئول عن وحدة «فتيات السيطرة» فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
بدأت المخابرات فى شخص صفوت الشريف، بإحكام قبضته على سندريلا بعدما تم تصويرها بكاميرات سرية أثناء إقامتها لعلاقة حميمية مع ضابط فى المخابرات يدعى محمد كامل، والذى بملامحه الأوروبية انتحل شخصية أحد الفرنسيين للإيقاع بالنجمة المصرية.
الشريط الذى تم تصويره بإشراف صلاح نصر رئيس المخابرات والضابطين حسن عليش ويسرى جزار، كان الورقة الضاغطة التى تم استغلالها لتجنيد سندريلا وإجبارها على تنفيذ عمليات «الكنترول» الهادفة إلى الحصول على صور أو أفلام تثبت وجود علاقة جنسية مشينة للشخصيات المستهدفة، واستخدمت هذه العمليات كسلاح لضرب شخصيات مرموقة فى بلدان أخرى.
توالت عمليات سعاد حسنى التى كانت، إلى جانب زميلاتها، عين المخابرات فى السهرات الفنية، حيث لا توجد تحفظات، لتصبح مجندة لمراقبة الرئيس العراقى صدام حسين الذى كان مولعًا بـ”سندريلا” إلى درجة الهيام.
لم تسلم حياة “سندريلا” العاطفية مع عبد الحليم حافظ من تدخل المخابرات، فبعد أن هددها صفوت الشريف، الرجل الثانى فى نظام حسنى مبارك والقابع الآن فى السجن، بقتل العندليب الأسمر حتى تنهى علاقته به، لم يمر وقت طويل على إفصاح “سندريلا” عن إرادتها فى كتابة مذكراتها بالاستعانة بالإعلامى عبد اللطيف المناوى، لكى تحصل على أموال للعلاج بعد أن تدهورت حالتها الصحية والنفسية، حتى وُجدت جثة هامدة مرمية من أعلى شرفة شقتها بلندن، لترحل “سندريلا” وتظل حكايتها فيلمًا تراجيديًا يجسد حياة طفلة حلمت بالنجومية، فأصبحت من كبار عملاء المخابرات المصرية.
شريفة ماهر
وهى من ضمن الأسماء التى وردت فى اعترافات صفوت الشريف أمام النيابة فى قضية انحراف المخابرات، حيث قال: “أعقب عملية سعاد حسنى عملية أخرى خاصة بشريفة ماهر فى أواخر سنة 1963 بعد كنترول سعاد حسنى بحوالى 15 يومًا، وقد صدرت الأوامر بخصوص هذه العملية من حسن عليش حيث اتصل بى وكلفنى بعمل كنترول على شريفة ماهر بالاشتراك مع محمود كامل شوقى وقال لى أنه اتصل بالأخير أيضًا وأعطاه التعليمات اللازمة”.
وحضرت شريفة مع كمال عيد إلى الشقة وتمت عملية كنترول كاملة لها أثناء عملية جنسية بينها وبين كمال عيد، وقد توليت أنا وأحمد الطاهر وصلاح شعبان تنفيذ العملية ولم يحضر صلاح نصر أو حسن عليش فى ذلك اليوم وتسلم أحمد الطاهر الأفلام وكانت 35 مم سينما.
عمر الشريف
كلفت المخابرات المصرية عمر الشريف بإقامة علاقة مع فنانة لبنانية تمهيدًا لقتل والدها والتى صارت الآن أهم نجمة فى المسرح اللبنانى.
وبحسب العديد من المصادر فإن هذه الفنانة الكبيرة هى “نضال الأشقر”، وتحدث “عمر الشريف” عن محاولة المخابرات المصرية خلال الستينيات تجنيده للعمل لصالحها.
كان المطلوب هو أن يعرف محل إقامة رجل تطارده الأجهزة للإجهاز عليه، من خلال اقترابه من ابنته، حيث علمت المخابرات أنها سوف تحضر حفلاً فى باريس، يشارك فيه أيضًا “عمر الشريف”.
وقال فى حوار مع قناة “العربية” إن جزءًا من التمويه لنجاح العملية كان سب الرئيس المصرى جمال عبد الناصر، مشيرا إلى أنه (عمر) لم يستطع الرفض، وأعلن قبوله المهمة بشكل مبدئي، لأن كلمة مخابرات فى ذلك التوقيت كانت سببًا لبث الرعب فى نفوس من يسمعها من المصريين، سارع بمقابلة ضابط المخابرات فى السفارة المصرية بلندن بمجرد أن طلبه، وكانت تقتضى العملية أن يتقرب من الفتاة للوصول لوالدها، وحملت خطة القتل تفاصيل معقدة للغاية، وأعلن أنه لم يكن يتصور أنها ستنتهى بقتل الرجل، وقرر فى النهاية الاعتذار عن عدم استكمالها، خاصة مع زواجه وقتها من الفنانة فاتن حمامة، وخطورة إقامة علاقة مع امرأة أثناء الزواج، أكد “عمر” أنه لم يستجب للمخابرات فى النهاية، لكنه استطاع الوصول إلى ابنته وحذرها من المصير الذى ينتظر والدها.
فنانون فى أحضان الموساد
فى سياق سعى دولة الاحتلال إلى اختراق الجسد المصرى عبر زرع الجواسيس، لم يسلم قطاع السينما الذى تم اختراقه من قبل اليهود العملاء، ومن بينهم الفنانة راقية إبراهيم التى دفعت تنازلات جمة بهدف الحصول على معلومات تزود بها دولة الاحتلال.
راقية إبراهيم
هى الفنانة التى ولدت فى حارة اليهود بمصر لأسرة يهودية، وطرقت أبواب السينما فمثلت أمام محمد عبد الوهاب دور البطولة فى فيلم “رصاصة فى القلب” والتى يذكر الناس مقولتها الشهيرة لعبد الوهاب “سنتى بتوجعني، حكيم روحانى حضرتك” ومثلت “سلامة فى خير”أمام نجيب الريحاني، و”جزيرة الأحلام” أمام أنور وجدي، وأصبحت مطلوبة بين السينمائيين للقيام بأدوار البطولة.
وعلى الرغم من أنها تمتعت بنجومية كبيرة فى القاهرة خلال فترة الأربعينيات إلا أن ولاءها الأول والأخير كان لإسرائيل، حيث إنها تخلت عن مصريتها، ونزعت عن نفسها شرف الجنسية، واختارت أن تكون إسرائيلية.
لعبت دورًا كبيرًا فى تشجيع يهود مصر على الهجرة لإسرائيل عقب حرب 1948، وإعلان قيام دولة إسرائيل.
جـاسـوسة فى فــراش المـــلك
أما “كاميليا” أو “ليليان ليفى كوهين”غريمة أسمهان فى عشق أحمد سالم، كانت فنانة وراقصة استعراضية تنبّأ لها الجميع بمستقبل زاهر مع النجومية.. وفى الوقت نفسه اتهمت بالتجسس لصالح إسرائيل، والحكاية تقول إن الملك فاروق ـ آخر ملوك مصر قبل الثورة ـ أعجب بها أثناء مرافقتها لأحمد سالم فى إحدى الحفلات الخيرية، وأصبحت محظية له وذلك عام 1946، ما جعل الوكالة اليهودية تنتبه لكاميليا وعلاقتها بفاروق فحاولت تجنيدها.
وقد وصفها الكاتب حنفى المحلاوى فى كتابه “فنانات فى الشارع السياسي” بأنها عميلة من الدرجة الممتازة للمخابرات الإسرائيلية، ولم يكن ارتباطها بالموساد عاطفيًا ولكن باعتبارها يهودية، وقد لعبت دورًا خطيرًا منذ عام1948 حتى 1950، ولو امتد بها العمر لهاجرت إلى إسرائيل.
استغلت كاميليا علاقتها بالملك وكانت تمد إسرائيل بالأسرار التى كان يبوح بها فاروق، وحينما اتهمتها الصحافة بالتجسس لصالح إسرائيل، أعلنت أنها لم تسافر لإسرائيل أو القدس، وقامت بجمع تبرعات للجيش المصرى المحارب فى فلسطين.. ولم يكن اتهامها آنذاك مبنيًا على دليل مادى وإنما على أساس تصورات عامة.. منها كونها يهودية، وبراعتها فى الاتصال بكبار الشخصيات، والتصاقها بالملك، وكذلك ثراؤها الفاحش.. وأكد البعض أن موتها كان مدبرًا من قبل الحرس الجديد للملك ـ سواء بعلمه أو بدون علمه ـ بينما أكد آخرون أن مقتلها كان بتخطيط أجنبى.
سمير الإسكندرانى
من الأسماء اللامعة، والتى قامت المخابرات المصرية بتجنيدها لصالحها، المطرب سمير الإسكندرانى، فأثناء وجوده فى باريس حاول الموساد تجنيده وإغراءه بالمال.. فأبلغ المخابرات المصرية التى جنّدته كعميل مزدوج، فحصل على معلومات خطيرة، وكان على اتصال بالجاسوس المصرى رأفت الهجان داخل إسرائيل.
ليلى مراد.. عميلة أم ضحية
فى عام 1952 اتُّهمت المطربة الشهيرة ليلى مراد بالتجسس لصالح الموساد، واستغلال علاقتها بالملك لإمداد المخابرات الإسرائيلية بالمعلومات، وذلك بعد نشر خبر تسرّب إلى الصحافة مفاده أن الفنانة ليلى قامت بزيارة إسرائيل وجمعت تبرعات تقدر بـ50 ألف جنيه لتمويل الجيش الصهيوني، وشجع على انتشار الخبر أنها يهودية الأصل.
ونتيجة للحملة الشعواء ضدها، تركت ليلى الأضواء سنة 1955، وأكدت وسائل الإعلام ساعتها أن دوائر الأمن السورى وراء تلك الشائعة لمنع أفلامها فى سوريا.
وقد وصل تأثير الشائعات إلى درجة أن السلطات المصرية عزمت على اعتقالها ومصادرة أموالها، غير أن تحريات عديدة قام بها مجلس قيادة الثورة أكدت براءتها، فتوسط جمال عبد الناصر لدى سوريا عام 1958 لرفع الحظر عن أغانيها وأفلامها.