الفنان صلاح الملا مدير مركز شؤون المسرح في دولة قطر…استلم موقعه الجديد كأول مسؤول يشرف على المركز الوليد في 1-1-2017 ، احلامه تعانق طموحاته، ومشروعة واقعي يشبه قلق الفنان، ويسعى جاهداً مع كوكبة تُجاريه المسؤوليه لتقديم المسرح بمفهوم تزاوجي مع اناسه، وقضاياهم
هو واضح وصريح في اعطاء رأيه، يُصغي جيداً، ويعمل في المسرح وشؤون الفن والثقافة مطولاً أكثر مما يعمل ويتواجد في منزله…تخجل من تواضعه ومحبته…التقيناه، وكان هذا الحوار المسؤول عن جسم تهالك، ويستعد لتقديم اوراق نهاية خدماته، اقصد المسرح، فهل تنجح التجربة الجديدة لانقاذه من الجذور وليس لانقاذ ما يمكن انقاذه؟ سؤال طرحناه فكان هذا الحوار
* ما الغاية من إنشاء مركز للمسرح في زمن القحط المسرحي، وهجرته من قبل الناس ؟
– أنت اقرب إلى واقع المسرح، وتعرف الخبايا، وليس الناس من ابتعد عنه، ولم يعطونه الاهمية، بل أهل المسرح ابتعدوا عن الناس…نحن من صنع المسرح التجاري، نحن صنعنا الفجوة وعلى جميع المستويات، وابعدنا الجمهور عن المسرح، وشكلنا المعضلة
* وما دليلك؟
– مهرجانات المسرح العربي وجدت لفئة معينة ولبعض الأصدقاء، وليست للناس، مهرجاناتنا تتألف من كتاب ومخرجين، والجمهور من الفرق المسرحية المشاركة، والمصيبة يدعون مع الفرقة أشخاص لا علاقة لهم بالمسرح، بل دعوات الأصحاب والأصدقاء من أجل المنفعة والتصفيق
هذه بلوة…الجمهور العادي لم يستفد، ولم يشاهد ولا علاقة له بعروض لا تشبهه، وتوزع الجوائز على المعارف المتصنع لذلك الناس يهجر المسرح
* ولكن هكذا مهرجانات كانت موجودة في قطر أيضاً
– نعم كانت موجودة، وللأسف بذات المواصفات والاشخاص التي ذكرت، ولكن الإشكالية ليست في الوجوه الفنية والإعلامية فقط بل وصول عدد الضيوف إلى أكثر ممن يشاهد العروض
▪المشروع
* في ظل ما تقول ما هو مشروعك؟
– قبل أن أجيب يجب أن أشير إلى أننا في المنطقة العربية “فوتو كوبي” عن كل الفعاليات المسرحية، ونحن كان لدينا مهرجان مسرح دول مجلس التعاون بإشراف الأمانة العامة للمجلس، ويقام كل سنة في دولة خليجية…وقد جاءت إحدى الدول وأنشأت مهرجانات بذات الصورة والموصفات مع تغيير الاسم، وبدعم مالي كبير للفرق المشاركة، ومغريات ضخمة بالإضافة إلى إستضافة عدد أكبر من أصدقاء الفرق المشاركة!
* لكنكم شركاء بالهدم؟
– للأسف نحن ضربنا مهرجان مجلس التعاون إلى أن تعطل، وعملنا على استمرار المهرجان الذي يحمل تلك الإمارة …وسؤالك وجب طرحه الآن بكل جرأة
* وما هو مشروعكم؟
– كل مهرجاناتنا بعيدة عن مجتمعاتها، وقد أدركنا ذلك، ونحن تعلمنا درساً كبيراً يكمن بأن هذه المهرجانات سبب رئيسي بإبعاد الناس عن المسرح، المسرح قبل أن يبدأ وجد من أجل التلاحم مع الناس وطرح مشاكلهم…هدفنا أن ننطلق من قيمنا نحو مجتمع واع ذو وجدان أصيل وجسم سليم…هذا شعار التوجه لدى وزارة الثقافة والرياضة
* من الناحية التنظيرية العنوان جميل، ماذا عن المعنى العملي؟
– يجب أن نتوقف عن الإشكال المصطنع الذي ابعد الجمهور عن المسرح، وسنخاطب صدور وعقول الناس، وبأن نجسد الأعمال الراقية ليشعر بها الفرد..اقصد القضية والشكل المطروح يفرضان مشاركة الفرد
وقد ابتعدنا عن التصنيع في طرح قضايا لا تشبه المسرح ولا تشبهنا، وغيرنا يصر أن تكون عروضهم عصبية وغير مريحة نفسياً… نحن دخلنا في عمق مفهوم دور المسرح، وفي المسرح الاجتماعي بعيداً عن دغدغة مشاعر الناس بحجة الابتعاد عن القيم والأخلاق…فنون هذا العصر لم يعد فيها قيم وأخلاق
* وكيف سيتواصل الجمهور مع مسرح كوميدي هادف، ومسرح اجتماعي ذات مضامين واقعية؟
– جميل السؤال…المسرح الكوميدي من أصعب المسارح والفنون على الإطلاق…يحتاج عقلية مميزة في طرح الموضوع، والمخرج الذكي، والشكل الفني المتميز، والممثل المقتدر، وهذا طموحنا في مسرح يصل إلى المجتمع، ويذهب إلى المدرسة والجامعة، وبذلك يتفاعل الجمهور…والمسرح الاجتماعي ينطلق من عالمه من ذاته ويصل إلى الآخرين…هذا ما نسعى إليه، ونؤمن أن مسرحنا يحترم عقول الناس، وليس مهماً الشكل الكوميدي أو التراجيدي
*هذه مسؤولية كبيرة في خلق مسرح عكس السائد؟
– انطلاقتنا ليست سهلة، ونعمل على تحقيق ما نحمله من طموحات واحلام وحقائق، وسنجسد شعاراتنا ولن تكون مجرد ثرثرة نتبناها من دون استراتيجية
▪الغاية
*وغايتكم إلى أين؟
– التوجه إلى وجدان الناس، وعقول الناس، وسنطرح المواضيع التي تعنى الناس محلياً، سنقدم الأعمال المعاصرة، وصدقني هموم الإنساني العربي هي ذاتها في قطر
*وماذا عن الحرية؟
– نعم لا تستطيع تقديم الإبداع من دون الحرية، وفي بلدي لدينا أسس وجوانب معينة في فهم الحرية، ولا استطيع أن أقول أن في قطر لدينا حرية مطلقة
في قطر بإمكانك أن نقول ما تشاء دون أن تخشى عقاباً بشرط احترام الذات والآخرين… لدينا جوانب المجتمع لا يتقبلها وتحديداً المس بالذات الإلهية أو التطرق إلى حالات غير موجودة
الحرية قيد وأخلاق، ومن خلال ذلك نطرح ما نشاء، ولسنا ضد الحرية بالمطلق، ننتقد دون أن نخل بالقيم…الحرية بالنسبة لنا أدب واحترام واخلاق واحترام الآخر
* هذه اسس تنظيرية، ماذا عن الاسس المسرحية العملية والاستقلالية ؟
– الإدارة المسرحية كانت قسماً صغيراً تابعة لوزارة الثقافة سابقاً، ومنذ سنة أصبح هنالك استقلالية لم تحصل في تاريخ المسرح، وتم إنشاء مركز متخصص لشؤون المسرح بعيداً عن البيروغراتية الإدارية التي تشكل العائق الكبير لتحرك الجهات المشرفة على الفنون بشكل عام
كما تم إنشاء مركز الفنون البصرية، والتشكيل والفن التصويري، ومركز الشعر مستقل أيضاً
هذه المراكز حصلت على استقلالية مالية وإدارية تستطيع أن تتحرك وتعدل من برامجها بسهولة ويسر، وبالإضافة إلى دعم مالي من الدولة، لدينا الصلاحية الكاملة باستثمار الفعل المسرحي من خلال الشركات الخاصة في البلد
* ماذا عن الرقابة، هل انتهى دورها؟
– ليس لجنة رقابة بل لجنة عامة بالتعاون مع مشاركة المختصين والنقاد في قراءة النصوص، لقد خرجنا عن العمل التقليدي، وهم هذه اللجنة التركيز على الجوانب التي ذكرتها خاصة التطاول على الذات وامن البلد، ولن تتدخل بفكر وحرية الكاتب
قد نتدخل فنياً بأن يكون العمل ذات معايير مسرحية، ونرفض السطحي والساذج، والنص الضعيف نعمل على ارشاد صاحبه، ودعمه لتطوير مداركه، وما كتبه
*وهل انتم منفتحون على الجميع؟
– نعمل محلياً على أن تعتمد الحركة الفنية والثقافية وخاصة شؤون المسرح على نفسها بالنسبة للموارد المالية، لذلك نحن منفتحون على الجميع، ونتعامل ببساطة مع الكل بشرط تقديم فكرة جديدة، ورؤية فنية تساهم في تطوير مسرحنا ومجتمعنا، يعني وجود حالة مسرحية مختلفة
كما أشير إلى أننا لسنا مرتبطين فقط بالفرق الأهلية، كان لدينا 4 فرق تم مزج فرقة ليصبح لدينا 3 فرق أهلية، بل نعمل مع كل فنان، أي نعمل مع أي فرد خارج الفرق
*ماذا عن مهرجان الدوحة؟
– مهرجان الدوحة لا يزال قائماً، وطلبنا تغيير مفهوم المهرجان بحيث يبدأ الموسم المسرحي لدينا من شهر أكتوبر ولمدة 6 أشهر ، وجميع الاعمال تقيم في نهاية الموسم من لجان متخصصة غير معروفة، ولجنة من المتذوقين للمسرح من عامة الجمهور، ويضاف إليها لجنة من النقاد دون الإعلان عن الأسماء
* لجنة الجمهور…كيف ذلك؟
– لجنة الجمهور نختارها بسرية، وافرادها لا يعرفون بعضهم…يجب أن نأخذ بأراء الناس لأننا نعمل من أجلهم، وفي 27 مارس حيث اليوم العالمي للمسرح من كل عام يكرم من شارك من أهل المسرح، وسنعلن عن الجوائز المالية أيضاً
*ماذا عن المسرح الاجتماعي؟
– المسرح الاجتماعي مغيب، ومبعد عن قاموس المسرح العربي، وكل عروض المهرجانات تصيب المشاهد بالكأبة والعصبية والامراض، لذلك نعمل على مسرح يشبهنا…لن نقطع علاقتنا برحمنا، ولن ننفصم عن مجتمعنا، فمثلاً ماذا سنقول للطفل الذي ولد في الحصار العربي علينا، وتم حرمانه من فرد من اسرته؟…لذلك يجب أن نوثق كل فنوننا دون خوف لآنها ستؤثر على الأجيال المقبلة
* هل وضعت أمام مشروعك الفشل، والإصابة بصدمة مسرحية جديدة قد تلغي ما تبقى…كيف ستعالج ذلك؟
– توجيهات وزارة الثقافة والرياضة والمسرح ليست ماكينة أو مصنع للفشل، المشروع الفني عمل جماعي متصل مع الادارة والمبدعين والمجتمع… حينما طرحنا مشروعنا وشعارنا قررنا العمل من خلالها، وبالطبع ابداع الفنان هو الفارق في المستوى، والجمهور هو الحكم الاساسي، والدليل منذ أكتوبر 2017 حتى عيد الفطر المقبل حجر المسرح شبه كامل، نحن مشروع تثبيت جذور المسرح القطري في وجدان الناس، وحتى الآن كل البوادر واضحة تبشر بالخير
* وماذا عن الكوادر الفنية؟
– لدينا خطة لعملية تطوير الكوادر الفنية، وتحديداً في الشهر الرابع والخامس حيث تم تخصيصها لإقامة ورش فنية نظرية وعملية معاً، وذلك على مستوى تطوير المسرح وقدرات الممثلين، وقد بدأنا بالمسرح الموازي
*ماذا تقصد؟
– المسرح المدرسي، والمسرح الخاص للجاليات المقيمة في قطر، والمسرح الجامعي، والشبابي، ومسرح الدمى
وحاليا نعمل على تفعيل المسرح الجامعي والمدرسي والمقيمين، وتقديم ثقافتهم وتطلعاتهم وبدعم مادي من وزارة الثقافة والرياضة…كل من يعيش على أرض قطر هو نسيج من المجتمع القطري…نحن نؤمن أن الثقافة عملية مشتركة تضيف إلينا
* أخبرنا عن تطور مفهومكم مع اللغة البصرية في المسرح؟
– لدينا مسرح قطر الوطني، وهناك توجه من قبل وزارة الثقافة والرياضة لإيجاد أكثر من خشبة مسرح جديدة، وهناك مسارح جامعية راقية وكبيرة ومجهزة وسنقوم بتطويرها، وقد تمكنا هذا العام من تطوير 70% من مسرحنا، ويوجد دراسة لجلب تقنيات حديثة لدعم المسرح الثابت، والمسرح المتنقل
▪ المسرح المتنقل
* حدثنا عن المسرح المتنقل؟
– نحن سنذهب إلى المشاهد، نحن سنخرج من العلبة المسرحية التقليدية إلى الطلاب والشباب والناس، وهذا هو الفعل المسرحي الذي بالامكان تقديمه في أي ساحة ومرفق متواجد على مساحة دولة قطر، لذلك هذا يحتاج إلى تجهيزات فنية معاصرة تخدم الفكرة والشكل وتطلعاتنا، وبالفعل جلبنا معدات متطورة، والبداية كانت إنشاء الفرقة القطرية لفنون الدمى بالتعاون مع فنانين عرب متخصصين بذلك من تونس ولبنان وسوريا، ولدينا تواصل مع فرق عالمية وبالتحديد من تشيك لدعم وتطوير هذه الفرقة التي قدمت حتى الآن 172 عرضاً خلال ثلاثة أشهر في كل مناطق قطر، وقد نغادر إلى دول ترغب باستضافتنا…لدينا ثلاثة عروض مختلفة لأعمار مختلفة
والغريب والجميل معاً أن تجاوب الحضور لا يوصف، ومن العائلات، وهذا يعني بداية نجاح مشروعنا
كما لدينا مسرح “خيال الظل” الذي تم تخصيص حافلة مجهزة تتجول في قطر، ويصعد الاطفال إلى الحافلة لمشاهدة العروض
*كيف تنظر إلى الشباب الفني القطري؟
– قلنا أن المسرح ليس معنيا ً بجهة رسمية واحدة، بل كل الجهات الرسمية عليها ايجاد البيئة السليمة والمريحة التي تسهل عمل الشباب المبدع، والأخذ بأيديهم لتطوير قدراتهم فنياً وعلمياً
نحن على استعداد تام للتواصل مع كل الكوادر الشبابية الموهوبة دون وضع أي شروط مسبقة ما عدا الموهبة ومن ثم الشهادة والأهم الالتزام
* وكيف تتطلعون إلى التعاون العربي؟
– الحوار مفتوح مع جميع المسرحيين في قطر والعالم العربي بشرط أن تتماشى مع توجيهاتنا، وكل من لديه الفكر والفكرة الواضحة والتي تساهم في تطوير ما نتبناه مستعدون للتعاون وانجاح تلك الأفكار
* وهل المسرحي القطري تقبل طروحاتكم الجديدة؟
– من تعود على الشكل الكلاسيكي وتوجهاته المختلفة لن نستطيع تغيره بقرار وبفترة زمنية قصيرة، وإذا تمكنا من تجسيد المسرح الاجتماعي وتفاعل الجماهير مع هذا المسرح، اعتقد وبشكل طبيعي سيسيرون معنا، ويتقبلون ما نحن عليه…الكل موجود ومن يريد تقديم المسرح الآخر لن نمنعه، ولكن دعمنا سيكون للمسرح الاجتماعي الذي نطرح
*متى سنحاسبك ؟
– المحاسبة مطلوبة، وكما احاسب غيري يجب أن أُحاسب…نحتاج إلى فرصة كي نثبت جدية وصوابية فكرتنا ومشروعنا، وكل سنة يجب أن نُحاسب ونعمل على تطوير توجهاتنا، وإن لم ننجح كجهة مشرفة سنتنحى، وبلدنا ولادة، وهمنا هو تفعيل الفعل الفني والثقافي في البلد
الدوحة/حاوره جهاد أيوب