بقلم//جهاد أيوب

لم يكن مجرد فنان والسلام، ولم يكن موهبة عادية تضحك وتسلي الناس، وتسعدهم في لحظات معينة، هو عبد الحسين عبد الرضا ذاك الذي أسس مداميك الفن القضية في الكويت…ذاك القائد الفني بكل ما تحمل العبارة من صولجان وتاج التفرد
هو خامة نادرة في فن لا يعرف المواربة، يقدم ما يجعلك تفكر في وجودك، يصفع في أعماله حتى لا تبقى خارج الدائرة، يفرض عليك استخدام عقلك لتقوم بجردة سريعة ببن حياتك وما يدور من حولك، يضحكك حتى لا تنسى من أنت، يضحكك حتى ترتاح لتعاود نشاط حضورك في زوايا زمان تعود أن يحاربك.
عبد الحسين عبد الرضا فنان الذهب الأصيل، واحة عطاء لن تعرف الافول، وقيمة لها دلالة التأسيس، المجد، المجابهة والتفوق…وسوق المناخ، وحامي فن الموقف والقضية، وسيد تقديم الفرص والتجدد
هو من ساهم في تأسيس نهضة مشرقة في تاريخ الفن الكويتي، وثبت قواعد راسخة في الفن الخليجي، ونافس باتزان في الفن العربي
رفع راية الكويت والخليج دون تردد أو خوف، بل كان واثقا لا يعرف الخنوع، وحاول واستمر رغم أوجاع العمر، ورغم ظهور قتلة الاحلام حيث حاولوا اغتياله لكونه من الاحرار
حاول أن لا يقف عن العطاء، منذ بداياتها حمل الشعلة التي صنعها بموهبة قبسية شكلت حالة نادرة، ومنها، وفيها رسم معالم الوطن حيث أصبحت بصمة لتاريخ اوطان العرب
لا يعجبه الفن العادي، كان يرغب بأن يقدم بالفن ما يثبت تاريخه، وما يواكب الحدث السياسي والاجتماعي والفكري، لذلك قدم للناس وجبة غنية بالمواقف الاجتماعية والسياسية عمادها الوطن واحترام كل حبة فيه
عبد الحسين عبد الرضا الرقم الصعب في الفن، في مواقفه، في رأيه في كل ما يقدمه
يخوض المعركة دون كلل، يعطي رأيه بحسم واقتدار وثقة، لا يوارب، ولا يتنازل، حافض على نجوميته منذ الشرارة الاولى، وتفوق في هدم الجدار حيث كان الفن محرما، وحيث كان النظر إلى الفنان مجرد سلعة للتسلية
وقف بجدارة في مواجهة كل أنواع العواصف السياسية والفنية المتطرفة، حارب الزمن والمرض من خلال استمراريته بتقديم ما يناسب ظروفه، لم يغب عن أي مناسبة وطنية وخليجية وعربية، أمن بدور الفن والفنان، وثق للتاريخ حقائق، ورسم للأجيال التي عاصرته وواكبته والمقبلة اهم مرحلة في تاريخ الوطن
لم يكن أبو عدنان مجرد صفحة عابرة، بل شكل من خلال فنه ومواقفه البصمة الذهبية لنهضة فعالة وحساسة في دول الخليج، وبالاخص في دولة الكويت، ومن المستحيل القفز عن هذه القامة الراية، ونستطيع القول بكل فخر:”الفن الخليجي قبل عبد الحسين عبد الرضا وما بعد عبد الحسين عبد الرضا”…قبله لم يكن للشمس الفنية حضورها، ومن خلال وجوده لمعت اشراقات لن تعرف الغروب، ومن بعده اصبح للمراجع مفاتيحها كي نتعلم كلنا في قبسها، ونعود إلى سطور رسمت بتعب وصبر وعنفوان
عرفته كبيرا بعد تحرير الكويت، شاهدته لأول مرة على خشبة مسرح “الدسمة” في “سيف العرب” شامخا، هادرا، خلاقا في لعبة الأداء الاصعب والصح، وتصادقنا لأكتشف الوضوح، العنفوان، الطفل المشاغب، الكريم، المعطاء
صديقا غاليا يختزل كل الحواجز إذا اقتنع بصداقتك، هو أوضح من الوضوح، هو واحة من المواقف، هو وطن بكل تناقضاته وكبريائه، هو سيد من قدم الفرص للفنانين، هو من يواجه كل من يتطاول عليه وعلى وطنه، وعلى فنه، هو أول فنان في العالم تصدى لزمر العتمة والظلمة، والظلام الحاقد…هو الصديق الوفي أبو عدنان، هو الطيب الفنان، هو الحاسم والشرس في مواقف حق…هو عبد الحسين عبد الرضا
هو أبو عدناب راعي الحقيقة، المسرحي الناقد، والحضور الثاقب…كلنا يفتقدك…كأنك بالأمس انطلقت، وأمثالك لا تغيب شمسهم

#entawayn