على وقع ألحانه، ودّع ملحم بركات اللبنانيين، تاركًا في وجدانهم مسيرة نغمٍ لا تشبه إلا نفسها، فخرجت جنازته من طريق الأشرفية ببيروت وصولًا إلى كنيسة مار نقولا، ثم نحو مسقط رأسه، كفرشيما، عند ساحل جبل لبنان، مصحوبة بحبِّ كل من عاصره واستمع إلى صوته وألحانه وقد اجتمع في تشييع بركات فنانون وسياسيون وصحفيون وأصدقاء لازموه بالمستشفى حتى آخر لحظات حياته
وأمام باحة الكنيسة، جلس أعضاء فرقته الموسيقية ليعزفوا بعضًا من أغانيه بصوت الكورس، حيث قدموا آخر أغانيه ‘عدّ الأيام اللي راحت… عدّ الأيام’ و’حبيبي، أنت وروحي أنت
وكان موكب الجنازة قد وصل إلى الكنيسة وتتقدمه صورة كبيرة للفنان بركات مكتوب عليها: ‘بخاطركن’، واستقبل الجثمان بنثر الأرز والورود
وعلى مدى خمسين عامًا، صنع بركات حالة فنية متمردة على الصوت واللحن، وانسحب هذا التمرد على شخصيته صاحبة الموقف على المسرح
وترأس الصلاة على روح ملحم بركات مطران الروم الأرثوذكس، إلياس عودة، الذي قال إن صوت بركات سوف يبقى على هذه الأرض ‘مخلدًا بحناجر صباح ووديع (الصافي) وسلوى (القطريب)
وكانت هناك قصيدة لرفيق درب ملحم بركات، الشاعر نزار فرنسيس، الذي نثر ورودًا على نعش الراحل، قبل أن يرتمي عليه ويجهش بالبكاء
وقال فرنسيس في قصيدته وسط تصفيق الحضور ‘قوم ملحم، قوم! هيدي مش إلك… ليش الغفى؟ نبض الحياة بيسألك. الموت يمكن بالجسد يقدر عليك، لكن صعب عن عرش فن ينزّلك. أنت الملك والمملكة بإيديك. الإبداع تاج بإيد الله مكلّلك. من وقت ما غمضتهن عينيك انطفوا بعيني كل نجمات الفلك. والفن عندي صار بعد هيك كل ما حدن غنّى التفت صوب القبور… انطر الموت يزيح ويطلّ الملك
وفي بلدته كفرشيما، علقت يافطات كتب عليها بعضٌ من أغانيه، مثل ‘من بعدك لمين الزهر بينحني… وبتشرق لمين شمسك يا دني؟’ و’يمكن يجي نهار يبكينا المشوار
لحّن بركات وغنى آلاف الأغنيات، واشتهر بحرصه على التراث الغنائي العربي مع إضفاء لمسة تطوير، مما جعل لأغنياته طابعًا مميزًا يجذب فئات عمرية مختلفة