الأب عبود للإعلاميين: قمّة العطاء أن نعطي ممّا لدينا وأنتم لديكم الكلمة

الوزير مكاري: كأن المطلوب غرس نبات غريب في هذه الأرض التي تأبى الرضوخ

أحيت رابطة كاريتاس الذكرى الخمسين لتأسيسها في احتفال أقيم في المركز الرئيسي في سن الفيل،  حضره وزير الاعلام زياد مكاري، مدير الوكالة الوطنية للإعلام زياد حرفوش، رئيس رابطة كاريتاس لبنان الأب ميشال عبود، مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، رئيس مؤسسة لابورا الأب طوني خضره، وعدد كبير من المسؤولين الإعلاميين والصحافيين، بالإضافة إلى عائلة كاريتاس (مجلس الإدارة، مدراء الأقسام، وشبيبة كاريتاس).

بداية، كانت كلمة ترحيبية للمسؤولة عن المكتب الاعلامي في الرابطة ماغي مخلوف، بعدها تحدث مدير قسم التواصل والاعلام مازن مصور، فركز على دور الإعلام في مسيرة كاريتاس والدور الذي لعبه منذ تأسيسها وحتى اليوم، ثم ألقى مرشد االرابطة الأب شارل صوايا كلمة شدد فيها على أهمية العطاء في كاريتاس والذي يشبه إلى حد كبير الإعلام، حيث الأخذ بيد والعطاء باليد الأخرى.

الأب عبود

 بعد ذلك، ألقى الأب ميشال عبود كلمة اعتبر فيها اننا “لا نريد أن نصعد إلى السماء وحدنا، نريد أن نكون سويا، الطريق الى السماء تمرّ عبر الفقراء، نحن لا نخاف على الفقراء لأن الرب يتدبر أمورهم، لكننا نخاف على أنفسنا اذا لم نساعد هؤلاء الفقراء.”

أضاف: “إن قمة العطاء تكمن في أن نعطي ما لدينا ولأنكم اعلاميون فان عطاءكم هو الإعلام والكلمة، ذلك أن المسيح هو كلمة الله وصورته، ولهذا فقد كان الإعلامي الأول وأنتم سائرون على خطاه.”

وأردف: ” في هذه المرحلة الصعبة هناك نوعان من المحتاجين، الأول يطرق باب كاريتاس طلبا للمساعدة، والثاني يتألم بصمت، وهنا يأتي دوركم كإعلاميين بأن تدلوا الناس على أعمال كاريتاس وتدلوا كاريتاس على المحتاجين، وبخاصة أولئك الذين يتألمون بصمت، مع ضرورة الحفاظ على كراماتهم.”

واعتبر الأب عبود: “لقد بات لدينا في هذا الوقت فئة تسمى (الفقراء الجدد)، وهم اشخاص كانوا يعيشون بكرامة، ويمارسون أعمالهم، لكن الإنهيار المالي تسبب في انحدارهم الى الفقر،  لذلك أطلقت كاريتاس برنامج  (Family To Family ) من أجل مساعدتهم، وقد بدأ هذا البرنامج يثمر في أوستراليا وبولندا ونعمل على توسيعه ليشمل بلدانا أخرى. وهنا لا بد من التذكير بأن من بين هؤلاء أساتذة المدارس الذين فقدوا قيمة رواتبهم بشكل كبير.”

وختم رئيس رابطة كاريتاس لبنان: “يبقى أن المهم ان لا ننسى جميعا من اين أتينا وماذا نريد… لقد عملت كاريتاس في الماضي في قلب الأزمات، ولسنا نخاف اليوم ما دام الإعلام معنا لإيصال الكلمة ومساعدتنا على الإستمرار

الوزير مكاري

وأخيرا تحدث وزير الإعلام زياد مكاري فقال: “يسرّني ويشرّفني أن أكون هنا، في رحاب رابطة كاريتاس لبنان، بدعوة كريمة من رئيسها، الأب العزيز والجليل ميشال عبود … هذه الرابطة التي حفرت اسمها في الوجدان الإنساني، بأيادٍ ناصعة البياض لِفَرْطِ رحمتها، في سنوات حالكة السواد، لِفَرْطِ قسوتها.

خمسون عاماً، مشت خلالها رابطة كاريتاس بخطوات ثابتة نحو هدف واضح هو الإنسان، بحيث أعلته كقيمة بحدّ ذاته، ولم تلطّخ نفسها يوماً بوحول الانتماءات الدينية والطائفية والمذهبية، وهنا مكمن قوتها.

في العامين الأخيرين، حيث اشتد الخناق المالي على أعناق اللبنانيين، كانت كاريتاس أرزة أصيلة من أرزات لبنان المعمّرة، صامدة بجذورها الراسخة في وجه الرياح الاقتصادية العاتية، تمدّ شعب لبنان بالأوكسيجين الكافي ليقوى على التنفّس في ظلّ سياسات قطع الأنفاس. لم تهوِ كاريتاس … لم تنحنِ  لم تنكسر … لم تنكسر يوماً بل جَبَرَت خواطر كثيرة قَصَمَ ظهرها العوز الذي يحاصر العائلات اللبنانية، وكأنّ المطلوب اقتلاعها من جذورها، لغرس نباتٍ غريب عن هذه الأرض التي تأبى الرضوخ.

أُدركُ حجم الجهود التي بذلتها كاريتاس تحت قيادة الأب الجليل ميشال عبود وأُقدّرها وأُثني عليها، لأنّ هذه الجهود المباركة ومثيلاتها هي التي تسمح للبنانيين بالصمود في ظلّ موجات النزوح واللجوء التي تكاد تجرفهم من أرضهم، بعدما أثقلت على كاهلهم، حيث دفعوا الأثمان وحدهم من أمنهم الاقتصادي والاجتماعي والأمني والبيئي … والعالم بأسره يتفرّج ويطلب المزيد.

لا يشكّ اثنان بأنّ رابطة كاريتاس تعتنق لبنان اسماً وهوية، للدفاع عن رسالته وطناً للإنسان، حيث الكرامة الإنسانية أقدس الأقداس، وكم كنّا نتمنّى لو أنّ قداسة البابا فرنسيس قام هذا الشهر بزيارته الرسولية إلى بيروت كما كان مقرراً، للتأكيد على تواصل اهتمام الكنيسة الأم برسالة لبنان العالمية كمختبر لعيش أتباع الأديان في جغرافيا واحدة.

لن أُطيل، وسأختصر وأقول: صحيحٌ أنّ واقع لبنان الحالي مأساوي على المستويات كافة، لا سيّما على المستويين الاقتصادي والمالي، ولكن الصحيح أيضاً هو أنّنا أبناء الرجاء، وعليه، لا نخاف على لبنان رغم رداءة الوضع الحالي، وسنصمد لأنّنا نحمل مسؤولية الرسالة الإنسانية، ونتناقلها من جيل إلى جيل.

برجاء، نريد لوطننا الصغير بجغرافيته، الكبير برسالته التي تتجاوز حدوده، أن يتجلّى مجدداً نموذجاً لعيش إنساني متجانس، حيث التعدّدية هدية إلهية، والعيش الواحد نعمة ربانية. “

تخلل الكلمات عرض لعدد من الأفلام الوثائقية التي تتحدث وتشرح إنجازات كاريتاس في كل المجالات على مدى الخمسين عاما في كل المناطق اللبنانية، وقد ركزت على شهادات وتجارب شخصية لبعض العائلات التي استفادت من مساعدات كاريتاس.

وبعد دردشة بين الأب عبود والحضور، كانت جولة للجميع على المركز، اختتمت بغداء تكريمي على شرف الإعلاميين وتوزيع هدايا تذكارية للمناسبة

كاريتاس لبنان

المكتب الإعلامي