تغيّر الكثير منذ أن أعلنت وزارة التربية ولجنة كورونا تأجيل إعادة فتح المدارس حتى 12 تشرين الأول (الإثنين المقبل) بسبب وضع كورونا في لبنان، الذي كان وحتى الأسبوع الفائت خطر. اليوم الوضع مرعب. 10% من مجمل الفحوصات جاءت إيجابية. 80% من أسرّة العناية الفائقة المخصصة لحالات كوفيد-19 امتلأت، انعزلت بعض البلدات. والالتزام بالتدابير الوقائية في خبر كان، ولا تقييم واضح عن مدى جهوزية المدارس في هذا الإطار.
الوضع الحالي وبكل وضوح لا يسمح بإعادة فتح المدارس. إن مهلة إعادة فتح المدارس لا تتحدد بعدد الأيام، إنما بسلسلة شروط صحية يجب استيفائها قبل النظر بعودة الطلاب الى المقاعد الدراسية لضمان صحة وسلامة أطفالنا في زمن الكورونا.
حدد مركز ترشيد السياسات في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت ثلاثة شروط أساسية يجب تحقيقها قبل النظر بإعادة فتح المدارس:
← نسبة إنتقال المرض في المجتمع
← نظام مراقبة صارم، يرتكز على الفحوصات وتتبع المخالطين وعزل الحالات
← مدى إستعداد المدرسة وقدرتها على تنفيذ تدابير الوقاية وفرض تطبيقها والمحافظة عليها

تم تحديد هذه الشروط استناداً الى أفضل الأدلة العلمية المتاحة والتجارب العالمية في إعادة فتح المدارس بعد تخفيف تدابير الإغلاق القائمة. بالنسبة للشرط الأول، فكل المؤشرات في لبنان سلكت منحنى تراجيدياً منذ بداية تشرين الأول، وأهمها الإنتشار الوبائي في المجتمع، الذي تم اثبات ارتباطه الوثيق بعدد حالات تفشي كوفيد-19 في المدارس، ما يؤكد أهمية السيطرة على الوباء في المجتمعات أولاً، لحماية البيئة التعليمية.
أما عن نظام المراقبة الصارم، يمكن أن تشكل إعادة فتح المدارس جزءًا من الاستراتيجية المتّبعة للتخفيف التدريجي من الإغلاق إذا تم دمجها في نظام قوي للكشف وتتبع الحالات والعزل على المستوى الوطني، مع المراقبة الدائمة على مستوى المدارس. ولكن يبقى التحدي بعدد الفحوصات التي يتم إجراءها، حيث هذا العدد يبقى غير ثابت وفي بعض الأحيان متفاوت بشكل كبير.

وعن مدى إستعداد المدارس وقدرتها على تنفيذ تدابير الوقاية وفرض تطبيقها والمحافظة عليها، لم يكن هناك تقييم واضح حول استعداد المدارس اللبنانية للعودة إلى التعليم حضورياً، بما في ذلك جهوزيتها لضمان توفير الحد الأدنى من معايير الصحة والسلامة المطلوبة لدعم استراتيجيات التخفيف من كوفيد –19. وبما أن غالبية المؤسسات التعليمية خاصة، تواجه وزارة التربية والتعليم العالي قرارات حاسمة حول كيفية وإلى أي مدى يتم تقييم و تنظيم سلوك المؤسسات التربوية الخاصة. ناهيك عن انفجار 4 آب الذي ترك أكثر من 170 مؤسسة تعليمية متضررة بشكل كبير في بيروت وأثّر على أكثر من 70,000 طالب و 7600 معلم.

سيبقى خيار التعليم عن بعد، الخيار الوحيد أمام طلاب لبنان وأهلهم، ما لم يتم استيفاء هذه الشروط. قد يكون قرار إغلاق/إعادة فتح المدارس كالإختيار بين المر والأمرّ، ولكن لا اعتبار يعلو فوق الإعتبارات الصحية.

مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية