شهد يوم الأربعاء، الخامس من شباط/فبراير، توقيع كتاب الفنان برونو طبّال بعنوان
Le pays dont on ne guérit jamais
والذي يستعرض من خلاله قصة طفولته في ضيعة شاتين اللبنانية، لينتقل من هذه التجربة الشخصية إلى قصة لبنان في ثمانينيات القرن الماضي. يروي الكتاب بأسلوب مميز كيف نشأت هذه الضيعة عام 1895 خلال حقبة المتصرفية، حيث يدمج طبّال بين سرد ذكرياته الشخصية وأبرز الأحداث التاريخية التي شكّلت هويته وشخصيته. في حبكة ذكية، يربط المؤلف بين التاريخ العاطفي وتاريخ الوطن، مقدّمًا للقارئ تجربة أدبية مشوّقة بعيدة عن السرد التقليدي الممل.

 

 

*حفل توقيع غير تقليدي*

أقيمت فعاليات التوقيع في مسرح مونو، الذي قدّمته السيدة جوزيان بولس مجانًا، انطلاقًا من التزامها الدائم بدعم الفعاليات الفنية والثقافية. الحفل لم يكن مجرد توقيع كتاب، بل جاء بتصوّر فني أخرجه برونو طبّال بنفسه، حيث وضع فيه الكثير من عاطفته وذكرياته، مما جعل الحدث أشبه بعرض مسرحي نابض بالحياة.

قبل دخول القاعة، استُقبل الحضور بمشاهد تحاكي أجواء الضيعة اللبنانية القديمة؛ حيث كانت سيدة ترتدي الزي التقليدي تحضّر المناقيش والمعجنات على الصاج، وسط ديكور وأثاث يعكسان أجواء قريته. كذلك، قُدّمت مأكولات تراثية من وحي الضيعة، إضافة إلى نبيذ مقدم من شاتو سان توما، وهي شركة لطالما دعمت الفعاليات الثقافية والفنية الهادفة.

 

*مشاهد فنية حيّة على خشبة المسرح*

حرص برونو طبّال على أن يلامس مشاعر الحاضرين، ويوقظ لديهم الحنين إلى الماضي، إذ استُخدمت شاشات عرض داخل المسرح لعرض مقتطفات من الكتاب، محوّلةً النصوص المكتوبة إلى شخصيات حية وحوارات مؤثرة. هذه المشاهد أدّاها مجموعة من الفنانين الذين رافقوا طبّال في أعماله المسرحية، وهم: سينتيا كرم، جوزيان بولس، باتريك شمالي، كلود طبّال، وماريا دويهي. كما تخلّل العرض لقطات حقيقية مصوّرة بكاميرا سينمائية قديمة الطراز، كان والد برونو طبّال يملكها واحتفظ بها حتى اليوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

*حضور لافت وكلمات مؤثرة*

حضر الحفل أكثر من 300 شخص، استمتعوا بالعروض أثناء انتظارهم توقيع نسخهم من الكتاب، حيث دوّن الكاتب كلمات شكر وإهداءات شخصية لكل قارئ. كما تضمّن الحفل كلمة افتتاحية ألقتها السيدة نضال حداد، مؤسسة -كلمة Art Liban، دار النشر المسؤولة عن طباعة الكتاب وتوزيعه. واختُتم الحفل بكلمة مؤثرة للفنان برونو طبّال، عبّر فيها عن امتنانه للحضور ودعمهم لمسيرته الفنية والأدبية.

 

*بين الأصالة والحداثة: فلسفة

برونو طبّال*

 

امتد الحفل لأكثر من ثلاث ساعات، لم يشعر خلالها الحاضرون بمرور الوقت، إذ غمرهم الحنين والذكريات وأخذهم برونو طبّال في رحلة استثنائية عبر الزمن. وكعادته، أثبت طبّال أنه فنان متعدّد المواهب والثقافات، حيث يجمع بين الكتابة والإخراج والغناء برؤية فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة. فهو يؤمن بأن اللبناني، مهما كان متعطشًا للتقدّم والتطور، يبقى مرتبطًا بجذوره وتقاليده، حيث تشكّل العائلة والعاطفة والتراث جزءًا أساسيًا من هويته، تفوق قيمتها الماديات.

بهذا الإصدار الجديد، يواصل برونو طبّال مسيرته الاستثنائية، مؤكدًا مرة أخرى أنه صاحب هوية إبداعية خاصة، تعكس رؤيته العميقة وتقديره للماضي، في إطار عصري متجدّد.
برونو طبال يمشي بطريق جديد يضيفه على مسيرته الفنية المنوعة، طريق الكتابة متمسكاً بالورق في زمن التكنولوجيا، تحدٍ جديد نتمنى ان يفوز به ويبهر جمهوره الذي اعتاد على اعماله المبدعة.