تداعيات طرح ملف الزواج المدني في لبنان ما زالت مستمرة وقد فجّر خلافاً بين المرجعيات الروحية والسياسية، كما أدى الى عاصفة من الردود والمواقف المؤيّدة والمعارضة
وفي غمرة السجال الواسع حوله، أوضحت مصادر سياسية مطلعة على الملف لصحيفة الشرق الاوسط، أن «القنبلة التي فجّرتها وزيرة الداخلية ليست مجرّد بالون اختبار، بل طرح جدّي يحتاج إلى نقاش حقيقي وعميق». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك من يعمل لإنضاج هذا الملف بهدوء، ومن دون إثارة غضب المرجعيات الدينية لدى الطوائف اللبنانية التي تتمسّك بحصر عقود الزواج بالمحاكم الشرعية». ورأت أن الموضوع «يحتاج إلى توافق سياسي، وأن يتم إنجازه بهدوء بعيداً عن العصبية ولغة التحدي
ماذا يقول القانون؟
الخبير القانوني بول مرقص يوضح لـ«الجمهورية»، انّ الاشكالية ليست في تسجيل الزواج المدني بموجب عقد خارج لبنان، انما في إمكانية اتمام مراسيمه في لبنان، بعد «السابقة» التي شرّعها وزير الداخلية السابق مروان شربل، في تسجيل بعض زيجات مدنية ضمن عقود عند كاتب العدل
وفي السياق، أوضح شربل لـ«الجمهورية»، أنّ تلك العقود أُبرمت بعد استشارات قانونية عدة قام بها مع خبراء في أصول قوانين الاحوال الشخصية والمدنية
لكن مرقص لفت الى أنّ هؤلاء لم يستطيعوا الاستحصال على إخراجات قيد رسمية رغم قرار الوزير شربل ومبادرة كاتب العدل، الاّ انّه (شربل) لا يمكنه فعل المزيد، موضحاً أنّ هؤلاء وقعوا أيضاً في ازمة لأنهم شطبوا طائفتهم، وليس هناك من تنظيم يعترف بـ»اللاطائفة» في لبنان، وبالتالي هم محرومون من حقوقهم المدنية كالترشح للانتخابات والتصويت. .الخ
ويضيف، أنه ادارياً ليس هناك ما يسمّى «لا طائفة لديه»، وأنّ المشروع برمّته يلزمه تنظيم اداري ولا يكفي القرار الايجابي والجريء للوزير شربل او للوزيرة ريا الحسن، انما يجب على الوزارة مجتمعة ان تكون مقتنعة من إحداث «تنظيم داخلي» للمشروع، مع الاشارة الى قضية التوريث للأبناء وتسجيلهم، التي تبقى عائقاً اساسياً لتبنّي الدولة لهذا المشروع
لكن الوزير شربل يستغرب كيف يمكن للدولة اللبنانية عدم الإعتراف بالزواج المدني، في وقت توافق على تسجيل زيجات عُقدت خارج لبنان. لافتاً الى أنّ العقود عند كاتب العدل ابّان عهده تُعتبر رسمية، بعد رجوعه الى وزير العدل شكيب قرطباوي، الذي شكّل هيئة اشراف عليا تألفت من ثلاثة من كبار قضاة لبنان من مختلف الطوائف
واضاف، أنّه ابقى مفاعيل الزواج المدني من صلاحية الاحوال الروحية، وانما الطلاق فقط هو الذي يتم في محكمة مدنية. لكن الارث وكل الامور التي تنص عليها الكتب المقدسة فيعود فيها كل مواطن الى محكمته الروحية
لكن مرقص كشف لـ«الجمهورية» عن قرار تشريعي في الدستور اللبناني يحمل رقم
(RL60)
وما زال صالحاً وهو صادر سنة 1936 وضعه المفوض السامي، يتحدث عن «الطائفة المدنية»، لكن هذه الطائفة لم يتم تنظيمها ادارياً، لذلك فإنّ الحل هو إما وجوب صدور قانون تنظيمي لمشروع الزواج المدني والميراث والطلاق والبنوة والابوة والارث والوصية.. الخ، اي مفاعيل تنظيمية للزواج المدني أي إخراج متكامل لتنظيم حقوق الزوج والزوجة والابناء، لأنّ الحقوق انشئت وكُرّست منذ سنة 1936، او اللجوء الى «الترقيع»، اي اللجوء الى عقود رضائية مشفوعة بتنظيم من وزارة الداخلية عن اقتناع وقبول عبر اجراءات داخلية من قبل الوزارة
ويلفت مرقص، الى انّ عدد اللبنانيين الذين يعقدون زواجهم المدني في الخارج يقارب سنوياً الـ 2500 الى 3000 ثنائي، والرقم في تصاعد
امّا الوزير شربل فقال انّه شعر من خلال لقائه مع الحسن انها صلبة وعازمة على «العمل» واثبات وجود دور «الداخلية» واعادة ثقة المواطنين بالدولة و«بالداخلية» تحديداً، وهي مصرّة على تطبيق القوانين على كل المواطنين بالتساوي وعدم السماح لتدخّل السياسة في القضايا الامنية
ونقل شربل عن الحسن، انها لم تعلن نيتها اطلاق الزواج المدني، انما رداً على سؤال مطروح حول الخلاف في لبنان على هذا المشروع اجابت بكل بساطة، بأنّ الموضوع يستحق النقاش والحوار. متسائلة اذا كان الحوار ممنوعاً؟