لن أتحدث عن العمل المسرحي الجديد “حلوة الدني” للفنانة الصابرة والمجتهدة، والباحثة عن مزيد من تحقيق النجاح رغم مشوارها الثعب، والطويل مع التعب والصبر والفن الذي كان نظيفاً، وهي تصر أن تجعله نظيفاً ليليان نمري، والسبب أن الفريق التمثيلي مع ليليان لم يقدم ما يمكن أن يصل إلينا، يؤدي من أجل انهاء المشهد، واختزاله، ولم يؤدي بمستوى ما ذهبنا لمشاهدته، إيقاع بطيئ، نص غير محفوظ، وعدم انسجام، وغياب المقدرة عن مجاراة الفنانة ليليان، وحتى لا نظلم هذه الوجوه الشابة، واحتراماً لظروف بعضهم، وايماناً بإعطاء فرصة لفكرة اجتماعية مشغولة بشغف المسرح نكتفي بكتابة ما شاهدته
في مسرحية حلوة الدني على مسرح بالاس سنتر اريسكو بالاس _ الحمرا، تأليف وسيناريو وإخراج وغناء وديكور وسينوغرافيا وازياء، وصبر، وتعب، وانتظار، وطفولة، وأمل، ودموع، وتلقي سكاكين الغدر لا تجد ولن تجد غير ليليان نمري …هذا ما شاهدته، وما خرجت به من المسرحية
خفة دم رغم هذا المشوار المتعب في الفن وفي الحياة، رشاقة لا تزال تحتفظ بها مع إن أوجاع الجسد عارمة، ابتسامة لم تغب وحاضرة مع ضحكة رنانة من طفلة درست دروسها، وأخذت تلعب مع العابها على خشبة المسرح، وسرعة بديهة غير مشوشة ترافقها بدقة استلامها لكل زوايا المسرح بمن حضر من أصدقاء وزملاء، واستمرارية لا كلل فيها مع إن الوجوه تغيرت، والغرور يصيب كل من يحلم أن يمثل قبل أن يقف على خشبة المسرح من هذا الجيل، وبحثها الزائد إلى فن يلجم الوسخ المنتشر في عالمنا وأيامنا ولحظات وجودنا وبلدان، واصرارها أن تعطي أكثر مما تأخذ، ولا أدري لماذا كل هذا الجهد الجبار في زمن الصغار؟
إنها ليليان نمري بكل ما تحمله كلمة الفنانة، نعم هي فنانة من رأسها حتى قدمها، ولا تعرف أن تكون غير ذلك، وفي هذا العمل تتنقل كالفراشة في الزمن الصعب، وترقص بين الألم وألغام العمر، وتغني من الوجع، وتبكي على حالنا، وتضحك من حالنا، وتسعدنا مع إنها تعلم مدى خوفنا وحزننا، وأمينة في مخاطبتنا في لحظات مشربكة، وأمينة على نص ترتجل فيه بمقدار اللحظة المطلوبة حتى تقول لنا أن فتح الستارة مسؤولية، ولن تقفل إلا بالرحيل
ليليان نمري طفلة لا تزال تبحث ولم تتعب، شجرة وحيدة، وسيرة تكتب سطورها بعرق الفن المغروس بداخلها
ليليان نمري كيف تتمكن من هذا الصمود بين متطفلين، ومشعوذين، ومنشغلين بكذبة الشهرة على حساب الجودة الفنية، والدخلاء؟
ليليان نمري تحية لك ولصمودك ولإصرارك المتعب، والبحث في الفن، وتحديداً البحث عن مسرح في بلد لا مسارح فيه؟

بقلم//جهاد أيوب