في لقاء وحديث خاص لموقع انت وين؟ اكدت وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان

” نتوّقع أن يكون الموسم السياحي الحالي الأفضل منذ العام 1951″

بين الوزير والوزارة علاقة وطيدة قوامها الصدق والإخلاص.. فالوزير وجد في الوزارة ملعباً واسعاً يتيح العمل بعيداً عن السياسة وزواريبها وتعقيداتها الضيّقة، فيما الوزارة شرّعت أبوابها لوزيرها المتواضع ومنحته كل الدعم المطلوب للنجاح في المهمة الصعبة

بدوره، وضع الوزير كلّ خبرته وطاقته في خدمة وزارته، فهو لم يأت الوزارة بهدف السياحة انما بهدف إعادة وطن الأرز إلى خارطة السياحية العالمية، فهذا الأخير يدرك تماماُ حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ذلك ان الحقيبة التي يتوّلاها هي بالفعل المحرك الأساسي الذي تدور حوله العجلة الإقتصادية، ويعلم أيضاً ان هذا القطاع هو خشبة الخلاص الوحيدة لدولة تعاني معظم مؤسساتها وقطاعاتها الإنتاجية من عجزٍ عقيمٍ

هو إذن الوزير المتفاني الواقعي أواديس كيدانيان الذي يطلعنا على الخطة والرؤيا التي وضعها للنهوض مجددّا بالسياحة ونحن على أبواب موسم حافل بالنشاطات والمهرجانات المتنوعة

 

معالي الوزير كيف تقيّمون الموسم السياحي في لبنان لصيف 2018؟

في الحقيقة، قد يكون هذا الموسم هو الأفضل على الإطلاق بفعل المقوّمات الأساسيّة التي يمتلكها، ذلك أن الاستقرار الأمني كما الإستقرارالسياسي هما عاملين متوفرّين ومن شأنهما أن ينعكسا إيجاباّ على القطاع السياحي، ومن ناحيتنا كوزارة سياحة فقد عملنا بحرفيّة تامة من أجل استقطاب السواح الأجانب من أوروبيين وأميركيين وغيرهم، وما ينقصنا اليوم هو عودة السواح الخليجيين والعرب الذين للأسف إنخفضت أعدادهم في السنوات الأخيرة بفعل الحذر أو التحذير الذي فرض على سفرهم إلى لبنان، علماً بأنّه سيتمّ رفع هذا الحذر بمجرّد تشكيل الحكومة الجديدة، أو على الأقلّ هذه هي الوعود التي تلقيناها من سفراء وديبلوماسيي دول الخليج، لذلك من الضروري الإسراع في عملية تأليف الحكومة لأننا نملك اليوم جميع المقوّمات التي تخوّلنا العودة إلى الخارطة السياحية العالمية

وفي لغة الأرقام، إنخفضت نسبة السوّاح العرب و الخليجيين خلال شهر أيّار الماضي بنحو 34 %، إنما إنخفاض إجمالي عدد السواح في هذا الشهر بلغ نسبة 7 % فقط، ما يعني ان الأجانب من أوروبيين وسواهم عوّضوا غياب السائح الخليجي في حدود معيّنة، ونحن نقول أنه إذا ما تمكنّا من رفع عدد السواح العرب هذا الموسم، قد نتوصّل إلى تحقيق نسبة وافدين ممتازة بحيث من المنتظر أن يبلغ إجمالي عدد السواح نحو المليونين ومئتي ألف، وبذلك نكون أمام أفضل سنة سياحية في لبنان منذ العام 1951. وهذا الأمر يتطلّب إستقراراً سياسيّاً سيتكرس حكماً من خلال تشكيل حكومة من شأنها أن تطمئن المجتمع الدولي ولا سيّما المجتمع الخليجي

 الرئيس سعد الحريري يحذّر من كارثة اقتصادية مقبلة، ماذا عن القطاع السياحي؟

الرئيس الحريري يدقّ ناقوص الخطر لإستعجال الأطراف المعنيّة والإسراع في عملّية تشكيل الحكومة. وهنا أوّد أن أشير إلى مبادرة هي في الحقيقة أكثر من رسالة قام بها القائم بأعمال سفارة السعودية السابق في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، بحيث قام بجولة إنطلقت من بيروت وصولاً إلى الشوف مستخدماً الدراجات النارية، إنما مضمون هذه المبادرة هو عبارة عن جولة سياحيّة تشجيعية لأهل بلده حتى يتأكدوا بأن ممثليهم الديبلوماسيين يتجوّلون بحريّة ومن دون مواكبات أمنية، وهي رسالة واضحة المعالم والإتجاهات. نحن نستطيع أن نحقق نجاحاً سياحياً وبالتالي نستطيع تطوير إقتصادنا وما نطلبه اليوم هو الإسراع في تشكيل الحكومة تفادياً لتفاقم الوضع الإقتصادي

 

من يعرقل اليوم تأليف هذه الحكومة؟

الجميع يضعون العصي في الدواليب لأن الظروف مؤاتية لتكبير الأحجام. أنا لن أدخل في الحديث السياسي وأكتفي بدعوة الجميع لمراجعة حساباتهم بأسرع وقت ممكن، فلا أحداً بإمكانه تحميل ضميره مسؤولية التأخير في عملية التأليف ووضع البلد على كف عفريت

 إذا أردنا اليوم تصنيف لبنان بين البلدان السياحية، في أي مربتة برأيكم يكون؟

أنا لن أصنّف لبنان، ولنحتكم إلى تصنيف «ناشيونال جيوغرافيك» التي صنفتّ بلدنا. ففي 21 حزيران وضعت الأخيرة لائحة تتضمن الوجهات السياحية الصيفية ولبنان كان أحد هذه الوجهات. فنحن في وزارة السياحة وفي أوّل فصلٍ من العام 2018 دعينا أحد كاتبي المقالات في «ناشيونال جيوغرافيك» إلى بيروت حيث قام بجولة مطوّلة في لبنان تعرّف من خلالها على مميزانه التراثية والطبيعة وكذلك تعرّف على مأكولاتنا ومشروبنا وغيرها… وكان هذا الكاتب من المساهمين مع غيره من الخبراء بتصنيف لبنان دولة سياحية

وأنا من ناحيتي أعتبر لبنان بلد سياحي مميّز، صحيحٌ أننا غبنا لفترة معينة عن الخارطة السياحية بفعل الأحداث الأليمة التي عصفت بلبنان لكننا قادرين حتماً على العودة وبقوّة لأننا نمتلك المقوّمات المطلوبة، وما علينا سوى توجيه السهام بالشكل الصحيح حتى نصيب الهدف، وقد تكون هذه السهام على شاكلة حوافز يقدمها لبنان لوكالات السفر العالمية حتى تقوم هذه الأخيرة بتوجيه قاصديها إلى بيروت، ونحن نتأمل في أن نتمكّن من تأمين هذا النوع من الحوافز من خلال الحكومة المقبلة

 ماذا عن تجربتكم الشخصية في هذه الوزارة، وهل تعودون لتولي هذه الحقيبة في حال عرضت عليكم مجدداً؟

وزارة السياحة بالنسبة لي هي من أهمّ الوزارات لأنّ هناك قادرة على العمل من دون حصول مشاكل يومية مع المواطن اللبناني لأن أساسيتاه الحياتيّة لا تتعلق بوزارة السياحة وبالتالي يمكن العمل هنا من دون ضغطٍ مباشر، ثمّ أن العمل في وزارة السياحة في ظلّ ظروف مستقرة يكون مثمراً جداّ وبالتالي تكون الوزارة فعالة، أمّا فيما يتعلّق بالمستوى الشخصي أعترف بأنني تعلمت الكثير وبات لي خبرة في هذا القطاع، ولو تمّ تخييري بين الحقائب الوزارية، لاخترت حقيبة السياحة مجدداً

 

ما هي الخطّة التي اعتمدتها الوزارة من أجل تنشيط الحركة السياحية في لبنان؟

البداية كانت مع القيّمين على القطاع من روساء نقابات وغيرهم الذين وضعوني في صورة مشاكلهم، ثم إنطلقنا للعمل مع شركة خاصة تختصّ في مجال تسويق الوجهات السياحية،علماً بأنّ القيّم عليها هو لبناني ناجح جدًا وله خبرة واسعة في هذا المجال، وبالفعل فقد تحولت الشركة إلى فريق عمل تابع للوزارة بعدما وقعنا عقداً معها بهدف تفعيل وتعزيز الهدف الاقتصادي – الربحي – من السياحة. وقد فهمنا حينها أن الصورة السيّئة المنقولة عن لبنان لا يمكن محوها بمجرّد إعلانٍ ترويجي، بحيث أن تغيير هذه الصورة يتطلّب إحضار لاعبي السياحة الأساسيين من الخارج إلى لبنان ليكونوا شهوداً على استقرار هذا البلد وحتى يتأكدوا من توفر الخدمات السياحية المميّزة فيه وتنوعه السياحي

وفي الحقيقة عملنا كمندوبي مبيعات لترويج البضاعة التي لدينا و «بضاعتنا بيّيعة» جدّاّ، هذه هي إذن الاستراتيجية التي عملنا من خلالها، أما الإستراتيجيات الأخرى والتي اعتمدت سابقاً وكانت تقوم على وضع إعلانات ترويجية على شاشات التلفزيونات لقاء مبالغ مالية طائلة تبيّن بأنها ليست الطريقة المثالية لتشجيع السياحة وزيادة أعداد السواح فكان لا بدّ من التفكير بخطة أخرى

 في موضوع السياحة الداخلية، أين هي وزارة السياحة من المهرجانات وكيف تدعمها؟

وزارة السياحة تمتلك موازنة خاصة للمهرجانات كما لديها نظام معيّن تتبّعه لدفع مساهمات للمهرجانات. مع نهاية العام 2017، أي حينما تمّ إقرار قانون الموازنة تمّ إقرار ما يسمّى بآلية صرف المساهمات للجمعيّات، ونحن في وزارة السياحة قررنا عدم منح مساهمات إلا للجمعيّات التي تعنى بالسياحة كما أنه من المفترض أن يكون هناك تصنيف لهذه المهرجانات أي مهرجانات قروية، مناطقية أو دولية أو غيرها وبالتالي باتت قدرتنا على المساهمة واضحة. أنا في الحقيقة لدي توّجه كامل لدعم الجمعيّات والمؤسسات التي تعنى بالسياحة إنّما أيضاً لدي توجه للتوفير وتنظيم هذا القطاع، لأنّه في السنة الماضية تمّ إحياء 160 مهرجاناً ألحقوا الضرر بنا ولم يفيدونا، إذ كان هناك تضارب في المواعيد على نحوٍ غير مسبوق، هذه السنة تحسّن الوضع على إعتبار أن زحمة المهرجانات تراجعت بفعل إنتهاء الإنتخابات وعدم إبداء السياسيين إهتماماً بتنظيم مهرجانات على عكس السنة الماضية. فهذا الموسم سيشهد إحياء حوالي 50 إلى 60 مهرجاناً وهو عدد مقبول نسبياً، لاشكّ بأن المهرجانات تشجّع السياحة الداخلية إلا أنه ليس لها أيّ مردود على السياحة الخارجية، وبالتالي من هنا ضرورة تنظيم مساهمات الوزارة بما يخدم القطاع والوضع الاقتصادي في البلد

 هل من صعوبات معيّنة واجهتكم خلال عملكم الوزاري؟

لا صعوبات في السياحة من حيث المبدأ، إنما هناك نقطتين لا بدّ من تطويرهما، النقطة الاولى هي التشريع السياحي، فالترخيص للمؤسسات السياحية يتمّ بناءً على تشريعات قديمة جدًّا في حين ان البلد تطور كثيراً، النقطة الأخرى والتي تعتبر سلبيّة جدّاً، تتعلق بالروتين الإداري والآلية الطويلة والمعقدة التي نتّبعها عند إطرارنا لصرف مبالغ مالية معيّنة، في حين ان السرعة تلعب دوراً أساسياً في عملية التعاقد لا سيما مع الأجانب، من هنا ضرورة تحديث القوانين وتطويرها لجعلها تواكب العصر ومتطلبات القطاع السياحي