هذه أصواتهن وتجربتهن في الميزان النقدي الحلقة 8 والأخيرة

بقلم\\ جهاد أيوب
• لا تعرف اليسا استخدام سمعها مع صوتها فتقع في فعل النشاز
• تتوه اليسا بين الأنغام الصحيحة ولا علاقة لصوتها بالمقامات
• لو دربت اليسا صوتها وأبعدته عن علاته لكانت الأفضل بين زميلاتها
• هذه حقيقة تجربة اليسا بتفاصيل الشعر واللحن ومهندس الصوت
• استغلت هيفا جمالها وعرضته فانتقدوها وذهبوا لمشاهدتها
• تهمس هيفا وتتمتم الكلام ولا يفهم ما تغنيه على المسرح بالمطلق
• هروب هيفا إلى التمثيل رأفة بفن الغناء ولمصلحتها مع الزمن

اليسا: ( نظراً لعدم معرفتها استخدام سمعها مع صوتها لا نستطيع تحديد نوع صوتها)
في صوتها رنة محبوبة، ومقبولة بما تغني من الحان جميلة، ميدانها الاستديو وتقنياته ولا تستطيع الغناء المباشر إلا ويكون بين كلمة وكلمة طبقة نشاز يضاف إلى ذلك مخارج حروف غير سليمة، ونطق غير سليم أيضاً، وهذا ما يعاني منه غالبية من يغني، ولكن مع اليسا يزاد وضوحاً
مشكلة اليسا مع الغناء وحتى مع الكلام منذ البداية، وقبل أن يتعرف عليها الجمهور يكمن في عدم مصالحتها مع سمعها، لا تسمع ماذا تقول وما ستقول، ولا تميز النغم الذي يصلها وسيصلها لذلك صوتها يتوه منها على المسرح وبمجرد الخروج من فمها، وهنا لا نتطاول على نوعية صوتها أو إمكانياته وجمالياته، بل نشير إلى علة تعاني منها، وهذا يتطلب التدريب والمعالجة عند المتخصصين حينها سيكون صوت اليسا مختلفا في تواصله مع الجمهور والموسيقى والنغم، والأهم سيصل جلياً وواضحاً لنتعرف عليه، ونحدد نوعيته، وسيكون الأفضل بين زميلاتها
اختيارات جميلة
اختياراتها الغنائية جميلة، لا بل جميلة جداً، تغني ما لا يشبه ما تغنيه زميلاتها، تنتقد لطريق تعاملها مع الشاعر والملحن، أي لا تجلس معهما لتتحاور وتخلق حرارة العمل، وتترك الفتور حاضراً، يأتون بالشعر مكتوباً دون صاحبه، ومن ثم باللحن وما تضمنه من تلحين ما كتب، وهي بدورها تحفظ عن طريق وضع “السي دي” في جهاز سيارتها أو في منزلها، ويقال أيضاً إنها لا تحفظ الكلام فتردده مكتوباً خلال التسجيل المتقطع، والمعني بعد ذلك في تجميعه مهندس الصوت ومدير الاستديو وهات يا تجميع وتلميح وحذف وإضافات دون علم مغنيته
الغريب في شخصية اليسا الفنية أنها لا تحفظ خلال التسجيل بل تقرأ من الورق، وهذا يبعد عنها الانسجام والإحساس حينما تغني على المسرح، لذلك المطلوب منها العيش مع الكلمة حتى العمق وليس مجرد تسجيل مخدوم بالتقنيات الحديثة ومن ثم الحفظ، الحفظ قبل التسجيل يزيد الإحساس نغماً عميقاً ويترك بصمة في السمع، والأهم يجعل من المغني القدير بأن يسبح في الارتجال والإضافات التطريبية المطلوبة عند أصغر أو أكبر من يقوم بفعل الغناء
تتوه من اليسا الأنغام الصحيحة على المسرح، وهذا مرفوض بعد هذا العمر والتجربة والانتشار الكبير، لا علاقة لها بالمقامات ولا تقدر على العرب الصوتية، بل هي ببغاء يحفظ اللحن أكثر من الكلمات
الشطارة
اليسا شاطرة في خلق الإشكاليات في تصريحات لا لزوم لها، المطلوب منها الغناء وتعلم فصوله والبحث على ما يخدم حضورها وليس إصلاح ما حولها، لذلك هي تصنع من حولها وبصورة دائمة لهيباً من الانتقادات الحادة والتي تساهم في إشعاله وربما عن قصد حتى تبقى في عالم الميديا، وتحدث لغطاً مستمراً، وهذه من بدع التواجد الإعلامي إذا كانت فعلاً تتبعه
وقلما انتقدت اليسا لفنها بقدر ما انتقدت لمواقفها وهذا مع الأيام يضرها، وقد يصيبها بالكآبة والابتعاد خاصة أن هنالك إجماع من قبل من يفهم أو لا يفهم بالموسيقى على أن اليسا لم تطور صوتها، ولم تلون في الأداء رغم عشرات الألبومات الغنائية والسنوات والحفلات المفتوحة، ولم تعلمه أو تشتغل عليه في التدريب الصحيح وإلا ما هذا الإجماع على نشاز ما يصلنا من صوتها وأنغامه
لا خلاف على أن أغنية “عا بالي حبيبي”، و “ولو”، و “يا مرايتي” من الأعمال الرائعة التي لا يستطيع أي مستمع أن لا يقول ذلك وهو يستمع إليها عبر تسجيل الاستديو، ولكن حينما تغنيها على المسرح أيضاً لا تستطيع أن تتقبلها، وقد تصاب بالتشنج…اليوم وبعد هذا العمر قد يكون الأمل يقترب من الفقدان في التحسن، وقبل فوات الأوان، وقد يشتمنا من يعجب بها لحقيقة ما نقول علمياً، ويشير إلى إنها تحقق النجاحات، نعم هذا صحيح ولكن لنجاحات مغنياتنا الأسباب الكثيرة لا يهمنا أن ننشرها هنا، وبالتأكيد النجاحات عند العرب ليس لتميز الغناء والصوت وإمكانياته أبداً بل لعلاقات اجتماعية وشخصية، وأحيانا سياسية واقتصادية
لذلك، ومن هذا المنطلق، وحتى تجد اليسا صوتها وتثبت حضورها الزمني، وتصحح مخارج حروفها غير السليمة، ونطقها حتى إذا تحدثت تلفظ الكلمة بمفردات خطأ فمثلا الطفل تنطقه” التفل”، والوطن “الوتن”، وموطني “موتني”… ننصحها بالتدريب على الغناء الشرقي، وتثقف صوتها وذاكرتها وسمعها على أغاني وتجارب أم كلثوم، وصباح، وفيروز، ووردة، وأسمهان، وفايزة احمد، وشادية، ولا ندري إذا كانت تسمع بأغانيهن مع أننا نؤكد أنها تسمع ببعض أسمائهن
هيفا وهبي: ( نظرا لعدم معرفتها بأصول الغناء، وعدم تمكنها من الغناء لا نستطيع تحديد صوتها )
ما قيل عن غالبية من ذكرناهن وبالتحديد اليسا وجب أن يقال لـ هيفا، نعم جميلة استغلت جمالها في الغناء فأحدثت ظاهرة ينتقدونها ويذهبون لمشاهدتها
هيفا شخصية محببة ودلوعة، ومغناج أكثر من اللازم، لا تطرب، وقد يكون من المعيب أن أقول كلمة تطريب بحضرة تجربة هيفا، ولا تغني، وقد يكون من الخطأ أن أقول الغناء في وجود صوت هيفا، ولا تؤدي في الغناء، وهنا الأداء دراسة وموهبة وخبرة وليس شكلا ودلالا ودلعاً
وقد يخرج من يلفت سمعنا ونظرنا لتبرير فعل هيفا بالغناء، وتذكيرنا بقول هيفا:” أنا لست مغنية، ولا مطربة”، هذا لا يبرر اقتحامها الميدان، ولكنها تذهب إلى قصيدة مكتوبة لها، والحان تلحن لها، وتقف على المسرح وتردد ما لحن، هنا علينا أن نتعامل معها كما تعاملنا مع غيرها
نعم هيفا لا تغني لكونها لا تملك صوتا يصلح للغناء، ومع ذلك حققت ظاهرة وانتشاراً وشهرة وحصدت الجوائز رضينا أو لم نرضى
طريقة غناء
هيفا تردد الكلام، تتمتم المفردات داخل ما يلحن لها بمستوى ما تملكه من صوت، وهي عرفت إمكانياتها فحتى لا تؤذي السمع تهمس وتترك الباقي لمهندس الصوت والموسيقى الصاخبة، وعلى المسرح لا يصلنا كلمة واحدة من همسها، فقط تتمايل، وتحرك الخصر الجميل الفاتن على موسيقى ناعمة وراقصة مع إيحاءات جنسية
نعم لا تتعمد هيفا الغناء لكنها تفعله و يصبح المفعول به ويظلم بجدارة الفعل، ولا تعرف العرب الصوتية، ولا علاقة لصوتها بالمقامات، ولا تكترث لمخارج الحروف والنطق، وأهم ما تريده يكمن في أن تتغنج مع تردد الكلمة، والدلع مع تمايل الجسد، وأن ترقص وظهرها للجمهور، وللحق تختار الألحان الخفيفة والأسهل، والكلام المركب الذي يشبه الشعر وهو ليس شعراً، ما تغنيه يقترب إلى الهضامة، والمصيبة الكبرى أن هنالك من يحاول تقليدها
باختصار صوت هيفا لا يصلح للغناء بالمطلق، وخير فعلت حينما دخلت معراك التمثيل ونجحت، لا بل تفوقت على ممثلات لهن باع طويل، وإذا قررت أن تلمع في التمثيل عليها أن تنسى هيفا المغنية شكلاً ومضموناً، وهروبها إلى التمثل يخدم الغناء بشكل عام ويبرز موهبتها بعيدا عن الاستعراض

#جهاد_أيوب