بقلم\\ جهاد أيوب
• صوت ماجدة يشبه صاحبته ولا انفصام فيه
• منذ انطلاقتها صنفت ماجدة باللون الجديد فقلدت
• انضج تعاملات ماجدة مع إحسان المنذر وجمال سلامة
• تجربة ماجدة مع ملحم بركات حالة خاصة وضيقة
• صوت سلوى مستقل ومحبب وحساس وكريستالي
• دخلت سلوى عصر التطريب بجدارة لكنها هجرت التراث اللبناني
• انفراد روميو لحود بصوت سلوى قلل انتشاره وتنوعه
ماجدة الرومي
( Soprano )
صوتها سوبرانو، وإذا غنت الطبقات الصوتية الحادة لا تزعج أبداً، بل ينساب أداؤها كالحرير، هو صوت غربي بامتياز دربته، ووجهته، وشذبته شرقياً حتى اكتشفت سحره قبل أن يكتشفه الملحن، ولا نبالغ إن قلنا أن التعامل مع صوت ماجدة يفرض علينا أن نتعامل مع الحالة بشكل عام، فصوت ماجدة لا ينفصل عن حالة ماجدة، أي هو يشبهها ولا تتصنع معه، هو يرسمها ولا تقدر أن تهرب منه، وهي تغازله ولا تنفلت منه، وتشاكسه ويسير معها إلى حيث المسؤولية
نشأت ماجدة في بيت فنان مخضرم هو حليم الرومي، كان حاداً وواعياً ومثقفاً في الفن، لا يجامل على حساب الفن، ولا يعقد من يسأله، بل يتواضع من أجل المساعدة، ويحسم بحدة مع من لا يستوعب، وتعامل مع صوت ماجدة بمسؤولية كبيرة، وبدورها استفادت منه ومن تجربته
الصوت
صوت ماجدة يشبه ماجدة، لهما شخصية خاصة قلدت من قبل كثيرات لأنها مع الزمن قدمت حالة مستقلة، رصانة واتزان، وكانت في كثير من الظروف تشارك أهلها في الوطن في أصعب المواقف، البعض نصحها بالابتعاد عن الخطاب السياسي مهما كان وطنياً لأننا نعيش في بلد الانقسامات، لكنها تصر أن تقول رأيها دون الالتفات إلى الوراء
بدأت من “ستديو الفن” مع المخرج سيمون أسمر، وغنت يومها للمطربة أسمهان، وبما أنها انطلقت من خلال صوت متطور ونابغة في الطرب هو صوت أسمهان الذي يجمع الشرقي والغربي معاً صنفت ماجدة بالجديد، وهي التفتت إلى ذلك فاعتمدت على أن لا تكون غيرها بقدر أن تكون متجددة، فانطلقت بالحداثة الغنائية كخط وليس كمغامرة، صحيح ذهبت إلى الغربي أكثر من الشرقي، ولعبت بجدارة في الأداء الموسيقي، كانت تأخذ صوتها إلى الروح الشرقية دون تصنع بل ضمن إمكانياتها ونجحت نجاحاً كبيراً، وقد تكون تجربة الموسيقار إحسان المنذر في “كلمات” أنضج تجارب ماجدة، وأقواها إلى جانب د. جمال سلامة في “ست الدنيا يا بيروت” و”سقط القناع”
تجربة ماجدة مع ملحم بركات حالة خاصة، لم تحقق الانتشار الأوسع رغم تميز “اعتزلت الغرام”، وضاقت في التجربة لمزجية ملحم، ولخصوصية ماجدة، الجميع كان ينظر إلى هذه التجربة باختلاف وتميز، لكن النتيجة كانت ناجحة في أغنية ليس أكثر مع إن ملحم كان يتوقع الكثير من اللقاء، وفي اعتقادي عدم الانسجام الشخصي أضر بالانسجام الفني
نجحت ماجدة في زمن نجح فيه كثير من الأصوات الكاذبة، تلك المرحلة حرجة وصعبة على من يغني عكس التيار، وأيضاً كان معها بعض الأصوات الجميلة، والشرقية القوية، ولكن ماجدة رسمت خطاً مغايراً وتفوقت
لقبت ماجدة بالمحاربة آنذاك حينما تعمدت الغناء بالفصحى من أجل مجابهة ما كان يقدم من سذاجة وتسطيح وغباء غنائي قبيح يفوق الجمال، ومن الخطأ القول إنها نجحت، بل وجب الإشارة إلى تفوقها، وبأنها قدمت صفعات لمن يستسهل فعل الغناء
شكلت ماجدة الرومي أيقونة المهرجانات العربية، وقيثارة الفرح الذي نفتقده، ولقبت بفراشة الغناء العربي، لا بل هي فراشة المسرح، وربطتنا بالزمن الجميل مع حداثة العصر
ماجدة تحببك بما تغني لأنها تحفظ بجدارة وبصدق وبأمانة من الملحن حينما تختمر النغمة، ولا تخونه، وتضيف للقصيدة لكونها شاعرة ومتذوقة للشعر، ولا ترتجل على اللحن بل تلتزم، لذلك تدخل اللحن بصفاء وصدق واتزان وصولاً إلى إحساسها الممزوج مع إحساس الملحن والشاعر
نعم لها رأيها بكل ما ستغنيه وهذا من حقها، حساسة في السمع، وتعطي رأيها في اختيار الكلمات، وبذلك تحترم الناس وما سينطقه لسانها
صوت ماجدة يثير بنا البحث عن الجمال، ويحرك الفكر للمواضيع التي تغنيها، ويأخذنا في سفر بعيد، وبسرعة الفراشات يعيدنا إلى واقع نرفضه
سلوى
سلوى القطريب
( alto )
، صوت مستقل، محبب ومريح للسمع، كريستالي يتراقص مع نغمات الشرق، حساس، وفيه رنين الأجراس، تغني بلا عضلات و فبركات، تؤدي 12 مقاماً سليماً، ونوع صوتها التو
منذ انطلقت مع الغناء دخلت عصر التطريب بجدارة ولكن، وهذه “ولكن” وجب وضع تحتها أكثر من ملاحظة، صحيح صوت سلوى من الخامات الجيدة، ولا أحد يدرك سبب هجرانها إلى كثير من أنواع الغناء العربي، وتحديداً هجرانها للتراث اللبناني، كان باستطاعة صاحبته أن تتقن التجربة اللبنانية الراقية بنجاح وتنافس، لكنها تكسلنت بذلك، ولم تفعل إلا ما ندر ولم يترك الأثر
وحينما نقول التجربة اللبنانية يعني الأصول في الغناء العربي التراثي الصحيح، والمتطلب للأصوات المتمكنة وليس الأصوات المتواضعة والصغيرة، فالتراث الغنائي اللبناني الفولكلوري من مواويل يحتاج إلى مقدرة وعضلات، ذاك التراث يعتمد على الأداء الصعب، والطبقات العالية، والموال الحقيقي الذي يفرض عضلات الصوت بأبعاده من خلال الميجانا، والعتابا، وأبو الزلف، ومن لا يجيدها ليس مطرباً، بل مجرد مؤدياً في الطرب، والغريب أن سلوى كانت تجيده لو فعلت، لا بل كانت تجيد كل أنواع الطرب
مشكلة الانتشار
مشكلة انتشار صوت سلوى كان و للأسف في انفراد روميو لحود بإعطائها الألحان دون أن يسمح لغيرها باقتحام صوتها، وهذا أبعدها عن التلوين، واكتشاف مساحات جديدة لديها مما جعل أغانيها قليلة، لا بل حدد علاقتها مع الجمهور الواسع
كما ارتباطها بمسرحيات معدودة ومحدودة قلل من انتشارها عربياً، وهذا افقدها أيضاً القيام بجولات غنائية في لبنان وفي بلاد الاغتراب حيث اللبنانيين، وهي لم تصدر خلال مسيرتها ألبوماً غنائياً واحداً، بل كل إنتاجها ارتبط بهمة وأفكار والحان وأشعار وإخراج روميو، وهذا خطأ فني ضيق انتشارها، وأضاع اكتشاف مساحة صوتها، خاصة أن المواجهة كانت صعبة بحضور صباح وفيروز
نجحت سلوى القطريب رغم القيود، والملاحظات التي أوردناها، ورغم تقوقع الانتشار، وعدم التنوع، وعدم البحث واكتشاف أساليب جديدة، ولو استعانت بملحنين غير روميو لكانت سلوى الأهم في الوطن العربي لكونها تدرك وتتمكن من الغناء ألطربي المفتوح كما الغناء الاستعراضي، ولهذا السبب جلست في الزاوية حزينة تسمع وتشاهد غيرها، وتواكب نجاحات وحضور الأصوات الجديدة بمختلف مستوياتها، ومنها ما هو دون مستواها الفني والصوتي وهي المحاربة القوية التي تحارب من دون سلاح
لا يستهان في صوت سلوى، ولا يسمح بتخطيه، ولكن الزمن كان قاسياً عليها في أخر أيامها فنياً، وها هو يزداد قسوة لتجاهلها من المسؤولين والنقاد والفنانين
#جهاد_أيوب