تنطلق في 19 كانون الثاني الجاري في صالات السينما اللبنانينة عروض فيلم الحركة والكوميديا السوداء
“ورقة بيضا”، الذي تولّى إخراجه الفرنسي هنري بارجيس، وأنتجته
Laser Films
لصاحبها طارق غبريال سكياس. ويضمّ الفيلم مجموعة ممثلين بارزين هم دارين حمزة وألكسندرا القهوجي وغبريال يمّين وحسّان مراد وإدمون حداد وطارق تميم وحسام صبّاح وباسل ماضي، إضافة إلى بديع أبو شقرا .ويتناول الفيلم الذي يستند إلى سيناريو لتانيا سكياس، قصة لانا، وهي ربّة منزل أربعينية، تعاني الملل في حياتها اليومية، تحب البوكر وتدمنها، وتلعبها في كل الأوقات وسراً وبجنون، إذ على طاولة القمار حيث تلتقي أشخاصاً من مختلف الفئات والنوعيات، تشعر بأنّها على قيد الحياة. ولانا لا تنفصل عن صديقتها الحميمة جيني، البارعة في لعبة الحب، التي تتقن اصطياد الرجال، ويصعب لأي منهم أن يقاومها. لكنّ الحياة التي تعيشها لانا وجيني تقودهما إلى مغامرات وتوقِعهما في ورطات، فتجدان نفسيهما في قلب الخطر. ففي أحد أندية القمار، تنشأ علاقة بين لانا وقاسم، وهو زعيم عصابة هاجسه العثور على قاتل أخيه والإنتقام منه. أما جيني، فتُغرَم بوائل، أحد أزلام قاسم، وهو قوّاد عنيف وغامض. ولكن سرعان ما تبدأ مشاكل الصديقتين، فتقع لانا تحت رحمة قاسم عندما تخيّب أمله، وتصبح حياتها مهددة، في حين أن جيني التي تكشف سراً خطيراً من طفولة وائل، تجد نفسها في مواجهة وحشية عشيقها
وتوقّعَ منتج “ورقة بيضا” طارق غبريال سكياس نجاح الفيلم جماهيرياً “لأنّه يعكس الواقع الحقيقي للحياة، وموضوعه جذّاب وجريء”. وأضاف: “إنه فيلم سهل وممتع وفي متناول الناس من مختلف الفئات. فالكلام فيه سهل وطبيعي جداً من دون فلسفة، وهو يتضمّن كل ما يحبّه الناس وأشار إلى أن “موازنة الفيلم تخطّت المليون دولار”. وقال سكياس إنه اختار المخرج الفرنسي هنري بارجيس لأنه يعرفه ويتعاون معه منذ نحو 20 عاماً في الإعلانات والأفلام ولكن ليس السينمائيّة ويعرف “طريقة عمله وكفايته العالية وسرعته، وهو يعرف جيّداً لبنان، والعقليّة اللبنانيّة”. ورأى أنّ “الأجنبي يرى الأمور التي لم نعد نحن نراها ونلاحظها لشدة ما اعتدنا عليها، (…) وبالتالي، هو يقدّم قيمة مضافة للفيلم لهذه الناحية
وقال بارجيس إنّ “ورقة بيضا”، الذي تمتد حوادثه ساعة و45 دقيقة، “فيلم قاس وعنيف أحياناً، ولكنّ العنف فيه مطعّم بالفكاهة”. وأضاف: “ثمّة لمسة فكاهية في المَشاهد، تخفف من مأسوية الحالة”، على غرار “ما يسمّيه “الروح اللبنانيّة”، وهي “طريقة في النظر إلى الحياة تساعد على استمرار الأمل واعتبر بارجيس أن “لعبة البوكر في الفيلم ترمز تماماَ إلى الحياة في لبنان. فأهله كَمَن يرمي قطعة النقود يومياً في الهواء ليرى ما إذا كانت سترسو على طرّة أو نقشة، وهم يراهنون على الغد: يحبون الحياة، ويعيشونها بفرح، ويشيّدون المباني الفاخرة جداً… رغم إدراكهم أنّهم قد يفقدون كل شيء بلمح البصر وشدد على أن “لبنان حاضر في الفيلم من أوّله إلى آخره: هو الديكور والروح واللغة والحياة وأوكسيجين الفيلم ولكنّه ليس موضوعه”. وتابع: “أردت أن أصنع فيلماً مسلياً قبل كل شيء، من دون ثقل سياسي أو اجتماعي، ومن دون الوقوع في الرثاء والكليشيهات. أردت فيلماً مَرِحاً وخفيفاً، وقاسياً أحياناً مع لمسة فكاهة بالدرجة الثانية تقابل فكرة سوسيولوجيّة وسياسيّة”. وشرح أن “هذا الفيلم لا يدخل في فئة أفلام الإثارة أو المغامرات أو البولار، ولا هو فيلم متشائم، إنّما عن شخصيّات مشاكسة وفرحة ومجنونة ومضحكة أو دراماتيكيّة، تعيش حالات واقعيّة ولكن في الوقت ذاته غريبة وأوضح بارجيس أن “ورقة بيضا” فيلم “عن النساء العصريات، عن قوّتهن وضعفهنّ، عن موقع الحب والعلاقات العاطفية في عالم الرجال العنيفين والبدائيين
أما كاتبة السيناريو تانيا سكياس فقالت إن “ورقة بيضا” فيلم “عن المرأة عموماً والمرأة الشرقية خصوصاً”. وأشارت إلى أنها أرادت عبر موضوع القمار أن تعالج موضوع الإدمان. وعن شخصيات الفيلم قالت إن “ثمة رجالاً ونساءً في كل أنحاء لبنان يشبهون قليلاً هذه الشخصيّات”. وأوضحت أن “هذه الشخصيّات ليست مثاليّة، وليست كاملة، بل هي من البشر، أكثر من اللزوم ربما. لديها الكثير من الشواذات والانحرافات ولكنّها حقيقيّة. هي شخصيات متطرفة لأنّها لبنانيّة، فيها جانب من الجنون ,والضياع لأنّ الحرب تركت تداعياتها على نفوس اللبنانيين وتصرفاتهم”. وأضافت: “آمل في أن يتعاطف المشاهدون مع هاتين المرأتين لأنّهما صادقتان وطريفتان. لا أحكم عليهما أو على أيّ الشخصيّات، مع أنه قد يكون سهلاً القول إنّ جيني فتاة سهلة، وإنّ لانا تكرّس نفسها للعب القمار، وبالتالي تهمل دورها كربّة منزل. ولكن لانا تريد أنْ تنبض بالحياة، وجيني تريد ببساطة أنْ تحب بأي ثمن، فعلى ماذا نحكم؟”. وتابعت: “ما تسعيان إليه نجده في كل زمان ومكان، ولكن شخصيّتهما من عندنا بالتأكيد
وتتولى دارين حمزة دور لانا. وقال بارجيس إن إسناد هذا الدور إلى دارين كان محسوماً في ذهن سكياس قبل تصوير الفيلم. وأضاف المخرج الفرنسي: “دارين من نوع الممثّلات النادرات اللواتي يتمتّعن بالفطرة بقوّة مشاعر ناريّة، تضاف إليها قدرة كبيرة على تأدية شخصيّات مختلفة وتظهير سِماتِها”. أما سكياس فقال: “منذ البداية كنت أرغب في أن تؤدّي دارين حمزة دور لانا، كونها طبيعيّة ولا تبالغ في ادائها وقالت حمزة: “تأديتي الشخصيّة المدمنة على شيء أجهله في مهنتي وفي حياتي الشخصيّة، أي البوكر، أمر أغناني كإنسانة، وتعرّفت أكثر إلى هذا العالم. دور الـ
Poker Face
بعيد عن كل الشخصيّات التي أدّيتها سابقاً”. وأضافت: “هذا الفيلم نجاح للبنان بالمجمل ونجاح للسينما اللبنانيّة وليس لمسيرتي الشخصيّة فقط ورأت أن “هذا االفيلم اختبار للجمهور اللبناني وهل هو جاهز ليتقبّل مشاهدة الجانب المظلم من المجتمع وتوقعت “أنّ ينجح الفيلم جماهيرياً وفي المهرجانات على السواء لأنّ لديه المقوّمات التي تتيح له ذلك على مختلف الصُعُد، وفي كل الأحوال سيترك علامة فارقة تتمثّل في أنّه أوّل فيلم من نوعه في لبنان
أما ألكسندرا القهوجي فقالت: “تجسيدي شخصيّة جيني شكّل قمّة مسيرتي المهنية كممثّلة، فقد تخطيت حدودي جسدياً ونفسياً. كانت ثمة مشاهد جريئة وأخرى تتطلّب جهداً جسدياً كبيراً، وأعطيت من نفسي حتى أقصى الدرجات كي تتحوّل هذه الشخصيّة إلى حقيقة وأضافت: “أنا شخصياً لا أنظر إلى جيني بعين سلبيّة ولا أحكم عليها إنّما أحاول أنْ أتفهمها. فهي امرأة جريئة ومتمرّدة تحاول الهروب من واقع راكد ومضجر. الفراغ واليأس اللذان غمراها أدّيا إلى تطرّفها. أما علاقتي مع جيني فتتخطى التعاطف معها إذ خلال فترة التصوير كنت جيني، ومن المستحيل للممثّل ألا يتعاطف مع الشخصية التي يؤدّيها وإلا النتيجة تكون كارثيّة ووصفت الفيلم بأنه “خفيف وفي الوقت ذاته جريء للمجتمع اللبناني إذ يتناول جوانب في المرأة لا يُحكى عنها عادة”. ورأت أن الفيلم”يقترح شيئاً جديداً وخارجاً عن المألوف ولهذا السبب سينال إعجاب الجمهور وللسبب ذاته هو مؤهّل للمشاركة في المهرجانات في الخارج
أما غبريال يمّين الذي يؤدي دور قاسم، فلاحظ أن “شخصيّة الأزعر العنيف، موجودة في كل المجتمعات ومنها المجتمع اللبناني والمجتمعات العربيّة (…) ونحن نلتقي بأصحاب هذه الشخصية كل يوم. ولكنّها ليست مثل قاسم الذي هو شخصيّة مميّزة وخارجة عن المألوف بعض الشيء لأنّه يتمتّع بنوع من السلطة يستمدّها من المال الذي بحوزته ومن طريقة تفكيره ومن عقله الغلط ومن طريقة حياته وربّما من طريقة تربيته”. وأَضاف: طوهذا ليس معناه أننا لا نجد أحداً مثله في الحياة، فهو موجود ولكنّه مميّز كون طريقة تفكيره غريبة قليلاً وطريقة مواجهته للأمور جذريّة، أي ليست فقط عنيفة إنّما أيضاً قاطعة، وهي حالة نادرة ورأى يمّين أنّ الفيلم “مميّز جداً”. وقال: “أعتقد أن الناس، على الصعيد العربي، لم يشاهدوا قبلاً مثل هذه القصّة أو هذا الانتاج أو هذا التمثيل، وأتوقّع أنْ يُصدم الناس إيجابياً عندما يشاهدونه”. وقال: “لا أعتقد أنّ هناك فيلماً صنع قبله بهذه الضخامة”. وأضاف: “صحيح أنّه إنتاج لبناني محض لكنّه يوازي الأفلام العالميّة من مختلف النواحي، سواء الإخراج أو الإنتاج أو الكتابة أو التصوير أو التمثيل
وعن شخصية ربيع التي يؤديها في الفيلم، قال الممثل حسّان مراد: “ربيع يمثّل شخصيّة شيطانيّة لا تلعب القمار لكنّها تركّب الأمور وتستطيع قراءة كل شخص، فنجد ربيع مبتسماً دائماً وجذّاباً ويتعامل بأدب مع الناس ولكن بمجرّد أن تدير ظهرك له ينقلب رأساً على عقب ويتحوّل إلى شخص آخر ويقوم بكل شيء لمصلحته ويستطيع الإنسحاب من أيّ مشكلة من دون تكبّد خسائر”. وأضاف: “هو إذاً شخصيّة غامضة، سوداء من الداخل، ولا أحد يعرف ماذا يريد أو لماذا يخطّط، فهو بهذا المعنى لاعب قمار ماهر ولكن ليس في ما يتعلق بلعب الميسر إنّما باللعب بالناس على غرار الأفعى التي تسير في الاتّجاهات كلّها ولاحظ مراد أن “الفيلم مصنوع بطريقة احترافيّة كبيرة ومشوّقة ويملك كل مقوّمات النجاح الجماهيري سواء على مستوى الأداء أو على المستوى التقني، أي على مستوى الإخراج والتمثيل”. وأضاف: “هو يحوي كل العناصر التي يمكن أن تجعل منه فيلماً ذا هدف ورسالة وفي الوقت عينه هو فيلم جيّد على المستوى التقني وعلى المستوى الترفيهي
وقال االممثل إدموند حدّاد عن شخصية وائل التي يؤديها: “وائل شخص قادر على القتل من دون أن يرّف له جفن لكنّه يحمل حب أمّه في أعماق قلبه. إنه خلطة بين أزعر الميليشيا والمرابي والبطل المظلوم. عندما تختفي إبتسامته البريئة تظهر أنيابه وشراسته. خفيف كالظل رغم مشيته العرجاء الثقيلة… إنّه كثير من التناقضات والجنون والقوّة المفرطة”. وأضاف: “كل ممثل محترف يحلم بأن يؤدي دوراً مثل دور وائل، فهو دور صعب ويتطلب جهداً عقلياً وبدنياً وأعتقد أن هذا الدور سيدفع مسيرتي كممثل قدماً وتوّقع “أن يحقق الفيلم نجاحاً كبيراً لأنّه نتيجة عمل إحترافي كبير. إنّه نقطة مهمة في تاريخ السينما اللبنانية
وقال طارق تميم إن الشخصيّة التي أداها لا تشبهه، “بل هي متناقضة تماماً” مع شخصيّته. وأضاف: “أصعب ما فيها بالنسبة لي كان الجانب السريّ والمخفيّ من حياتها، لأنّي لم أخض غمار هذا العالم ولا علم لي به، فحاولت قدر المستطاع أن أعطي من الخيال ومن العقل وما أسمع عن هذا الموضوع. وقد سعيت إلى تقديم شيء جديد في الشخصيّة التي أدّيتها، وقد شكّلَت تحدياً لي”. واعتبر أن “ورقة بيضا من أجمل الأفلام” التي مثّل فيها، وتابع: “الدور الذي أدّيته من الأدوار التي يفخر الممثل بإضافتها إلى سيرته الذاتيّة”. واعتبر أن الفيلم “يملك المؤهّلات كي يشارك في المهرجانات، سواء لناحية نوعيّته الممتازة أو صورته، أو لكونه يطرح موضوعاً لم يتم تداوله كثيراً في عالمنا العربي
وقال باسل ماضي إن شخصيّة طوني، حارس باب النادي السرّي للقمار، جديدة بالنسبة إليه. وأضاف: “على طوني أن ينفّذ أوامر سيّده قاسم، في وقت أنا في الحياة إنسان حرّ لا أتبع أوامر أحد. وهذه الشخصيّة مركّبة وتشبه إلى حدٍ ما الكثير من أزلام السياسيّين، ولذلك رأيت أن طوني يمثّل كثيراً من الأشخاص في محيطنا وأبدى ثقته بأنّ هذا الفيلم سينجح جماهيرياً، “فهو أوّلاً يروي واقعاً قائماً في لبنان وهو حياة القمار السرّي، ويسلّط الضوء على الحياة الخاصة للذين يعيشون هذه الحياة”. ولاحظ أن “طريقة التصوير والإخراج تذكّر قليلاً بأفلام الجنس والمخدّرات والعنف الأميركيّة وهو ما يستهوي الناس في شكل عام. ويمكن أيضاً أن ينظر إليه من وجهة نظر أخرى، أي كسخرية على هذه الأفلام التي تكون في بعض المرّات مجّانية”. وختم: “ليس الجمهور اللبناني فقط من سيستمتع به، إنّما أيضاً الجمهور في كل مكان، لأنه مصنوع بلغة سينمائيّة عالميّة
وقال الممثل حسام صبّاح: “أديت في الفيلم شخصية بطرس، وهذه الشخصيّة مألوفة جداً في مجتمعاتنا كونها تجسّد سائق سيّارة أجرة تاكسي وهو يتعرّض لمواقف مختلفة كونه لا يعرف أساساً الأشخاص الذين يتعامل معهم، وهذه المواقف تجرّه إلى أخرى لم يكن يتوقّعها. وقد أحببت هذه الشخصية لأنّها تمثّل شريحة من مجتمعناولاحظ أن “الفيلم يعالج مشاكل اجتماعيّة صرفة من دون أن يضع حلولاً أو يطرح مواضيع غريبة عن المجتمع. شخصيّاته مألوفة جداً وربّما الكثير من الأشخاص قد يجدون أنفسهم في هذا الفيلم من دون أن يدروا