رشحت المجموعة الشعرية الأخيرة “جسد واحد وألف حافة” للشاعرة والأديبة الكندية- السورية جاكلين سلام لجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2016-2017 من قبل دار النشر “هماليل” في أبوظبي للنشر والتوزيع. وتعتبر هذه الجائزة من الجوائز الرفيعة المستوى في الساحة الأدبية العربية، وجاء هذا الترشيح لما تحمله المجموعة من رقي أدبي وفكري وجرأة في الطرح شعري السلسل، وما يحمله من رهافة الكلمة وجدية الأدب المعاصر
في ديوانها “جسد واحد وألف حافة” رسمت جاكلين سلام أربعة خطوط متوازنة الأسلوب، قسّمتها كفصول كتاب بعناوين مختلفة، في نصوصها خصوصية تتأرجح بين السرد النثري والنص الروائي المختصر، وفق حاجة الفكرة المطروحة، إلا أن أفكارها تصب بأسلوب شعري معاصر. حيث الكلمة المباشرة والموجّهة. تنص فصول ديوانها بشكل متناسق الأفكار والطروحات
الفصل الأول “جسد وحيد على حافة الخمسين” ترتفع فيه هذا الفصل وتيرة الرومانسية التي تعشعش في أعماق الأنثى لتثبت أن الحب لا يمر في مراحل العمر مهما كان، وتبدأ بجملة فائقة المشاعر “في الخمسين سأحبكَ بألف مُهجةٍ/ إذا عرفتَ كيف تعيد الغناء إلى ما تبقى من صوتي/ نصف قرن وأنتَ مشرد في معابر الآخرين”. لتتجوّل بعد وصف دقيق لأحوال الحب في مراحل متعددة وعناوين فرعية تبحث من خلالها عن ملاذات الحرية والهجرة وتقلبات الإنسان من حال الى حال
الفصل الثاني “المنفى ونهاية العالم” تصف فيها سلام أحوالاً مختلفة لحياة المنفى بعيداً عن الموطن، برهافة عالية من وصف شاعري الى سرد بأسلوب معتّق التعابير عصري الأوصاف حضاري الواقع مع إختلافات في ترويسات الأفكار، لكنها تصف أحوال الهجرة الموجعة الأسباب: ” تخرجين من الأكياسِ علبةَ سجائر. تقدمين لي سيجارةً رفيعةً معطّرةً
بالنعناع وتقولين الحياة بلا طعم. أتناولها، ولا أكترثُ لأظافركِ المتسخة
أو أطراف قميصكِ المهترئة
أسألك: هل حاولتِ الإقامةَ في الجنان؟
تجيبين: أكره الإقامةَ في أي أرض. عدّتُ البارحة من لندن، أعيش في
امريكا وكندا. أحبُّ إيطاليا، سأرحلُ إلى مصر، إلى زيمبابوي. ثم
تطلقين ضحكةً مفاجئة. نعم زيمبابوي
الفصل الثالث “فصلو الأنثى الثانية” تبدأ جاكلين سلام بسرد فيه الكثير من الواقعية، ربما لتصف أحوال النساء العاشقات ربما، فهي المرأة المرهفة من خلال كتاباتها لا تتوانى عن وصف حقيقي لأحوال من التقتهن أو سمعت قصصهن، فبدأت فصلها الثالث بقصيدة “عن إمرأة يخونها كلّ الرجال الذين تحبهم
امرأة لا تقع في الحب من أول نظرة ويشتهونها كلهم
في أول لقاء جسدي بينها وبين عشيقها، تسأله: ستخونني؟
امرأة لا تكنّ احتراماً للنساء السمينات والرجال الخجولين
محنّكة وتبالغ في الرّقة والغنج وهي تقرأ خطباً متعالية في المؤتمرات
على جدار غرفتها تكتب: فكر أحدهم وقال على المرأة أن تبقى هائمة
في العشق وأن تعتني بأظافر قدميها وكفيها
هذه امرأة نحيفة، تعتني بلباسها وماكياجها، بأسنانها وصبغة شعرها
تفكّر في عملية جراحية لتكبير ثدييها
نباتية، من أنصار الرفق بالحيوان، تكره النساء اللواتي يلبسن معاطف
الفرو والجلد الطبيعي
لتعود في مرحلة وتصف الحالة الواقعية للمرأة على حافة المنفى ” هذا جسد امرأة على حافة منفى يشتبك بالكون
امرأة نامت على ضلعها الأيمن سبع سنوات وسبع ليالٍ وبين أضلاعها
أخفت خلاصة الأسرار
امرأة لا تزال إلى الأعالي ترفع كاهل اغترابها ومناجاتها. تحمل حقيبة
سوداء متوسطة الحجم، فيها كتاب مقدس، قنينة عطر، ومرآة وأحمر
الشفاه
الفصل الرابع “أمي- الحياة” وهو أكثر ما قد يكون الواقع بحد ذاته، هو لسان حال جاكلين سلام التي تصف مآسي الإنسان بدموع وغربة وألم، الحياة هي الأم والأم منبع الحنان في حياة الإنسان الذي تنطق بلسانه ” الحرب ليست على الجبهات
الحرب موغلة في شوارع الحياة
الحرب تشمّ رائحة الموت وتلهث كي تصطاد ما تبقى منا وفينا من حب
الحرب تقتات على بقايانا
أيتها الحياة- يا أمنا الثكلي، كم فقدتِ من الجماليات
وكم مخلَّصاً يلزمك كي تقومي وتشربي الوردة والنبيذ
كي تواصلي العيش فينا هنا-الآن؟
ومن هذا المنطلق يدور فلك ديوان جاكلين سلام الأخير ليشكل حالة خاصة لا تخلو من الأحاسيس الإنسانية المعبرة، وربما ما يتضمنه من فائض أدبي وواقع كتابي ونص فكري، هو الذي أوصل كتابها الى أن يكون المرشح الأبرز لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2016- 2017