لم يكن نفي وزير الإعلام جمال الجرّاح، “جملة وتفصيلاً ما نشر عن اتفاق بين رئيس الحكومة سعد الحريري والوزير جبران باسيل وموافقته على تعيين داليا داغر مديرة عامة لتلفزيون لبنان”، كافياً ليطمئن الحريصين على التلفزيون بأن شخصية كفوءة ومستحِقة ستُعيّن في هذا المنصب بعد انتظار دام أكثر من سنتين. إذ يؤكد الجرّاح لـ”نداء الوطن” أن “لا اتّفاق على آلية لتعيين مدير لتلفزيون لبنان، وأنّ الموضوع لم يُبحث بعد”
لا يبدو وزير الإعلام متمسكاً بأيّة آلية واضحة لتعيين المدير العام لتلفزيون لبنان. فلدى سؤاله عما اذا كان سيلتزم بالآلية التي اعتمدها وزير الإعلام السابق ملحم الرياشي، يقول الجراح: “حسب الموقع يتحدد إذا كان يحتاج آلية أم لا وحتى الآن لا اتفاق”. ويؤكّد أنّه طلب مرّتين من الحريري تعيين مدير لتلفزيون لبنان غير أنّ الموضوع لم يتمّ بحثه حتى الساعة بشكل جدي. لكن “في النهاية سنعيّن مجلس إدارة”، يطمئن الجرّاح. ولا شكّ أن المجلس ورئيسه سيُعيّنان يوماً ما. لكنّ المسألة الأبرز والأهم تكمن في الآليّة المعتمدة للتعيين. إذ إن هناك فرقاً شاسعاً بين أن يعيّن مدير لتلفزيون لبنان لمجرّد أنه محسوب على وزير ما يمون على رئيس ما، وبين أن يعيّن مدير كفوء وفق آلية واضحة وشفافة، وهنا يكمن الفرق بين دولة المؤسسات وجمهورية الفوضى والمحسوبيّات
في العام 2011 وضع وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حينها، محمد فنيش، آلية لتعيين موظّفي الفئة الأولى. واعتمد الرياشي هذه الآلية في تعيين رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان. ففتح باب الترشح إلى هذا المنصب أمام كل من يستوفي الشروط من مختلف الطوائف. وجرى قبول 137 مرشحاً، تمكّن 8 منهم فقط من الحصول على معدل القبول المحدد بـ 65%. ثم جرى خفض المعدل إلى 60% فارتفع عدد المقبولين إلى 17 مرشحاً. ولم تكن داليا داغر من بين الذين تمكنوا من النجاح في المباراة والتأهّل لإجراء المقابلة الشّفهية، حتى بعدما خفّض المعدّل إلى 60%، وفق ما تقول مصادر مطلعة، ما يعني أن داغر لم تثبت امتلاكها الكفاءة اللازمة التي حددتها الآلية. فيما خضع المرشحون الـ17 الناجحون لمقابلة شفهية وتم اختيار ثلاثة أسماء منهم فقط، بعدما تمكن أصحابها من اجتياز الاختبارات والمقابلة الشفهية التي أجراها في حينها الرياشي ووزيرة التنمية الإدارية عناية عز الدين ورئيسة مجلس الخدمة المدنية القاضية فاطمة الصايغ
لكن الأسماء الثلاثة التي كان قد جرى اختيارها باتت مستبعدة اليوم. فـ”التيار الوطني الحر” يرفض الآلية بالكامل ويتمسّك بالعرف الذي كان سائداً بأن يعيّن رئيس الجمهورية رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان. حتى أنّ باسيل طالب في مجلس الوزراء بإلغاء آلية التعيينات بأكملها، لكنّه جُوبه بمعارضة من وزراء “حزب الله” و”الحزب التقدمي الإشتراكي” و”القوات اللبنانية
ويبدو أن القضية عادت إلى الواجهة بمحاولة من داغر لإعادة طرح اسمها كمرشحة للمنصب، علّ باسيل يفي بوعده لها بتعيينها في المنصب بعد طول انتظار، وتؤكّد النائبة عناية عز الدين لـ”نداء الوطن” أهمية وضرورة اعتماد الآلية في التعيينات، “فأهمية الآلية أنها تضع الحد الأدنى من معايير الكفاءة، وتحدّد وفقها من يحق له الترشح وتحدّد مؤهلاته. فالآلية تضمن الشفافية في عملية التعيين وتلغي الاستنسابية
وإذ تختصر مصادر واسعة الإطلاع على الملف أنّ “التيار الوطني الحر” لم يقبل سابقاً ولن يقبل لاحقاً بتعيين “إلا داليا داغر” لإدارة تلفزيون لبنان، تذكّر عز الدين بأنّ “مجلس الوزراء التزم بتوصية اعتماد الآلية التي تضمن الشفافية”، وتطالب من يعترض على بنودها بتعديلها في الحكومة. وفي حين يطالب بعض من يرفضون الآلية بأن يصوّت مجلس الوزراء على اسم المدير المقترح، تقول عز الدين: “على المجلس اختيار أحد الأسماء الثلاثة الذين تمكنوا من اجتياز المقابلة الشفهية، فموقع مدير تلفزيون لبنان مهم وهو موقع سياسي وعلى الذي يشغله أن يعرف كيف يتعاطى مع المسائل
المصدر: نداء الوطن