“موسوعة العائلات المارونيّة” للأستاذ الراحل ناظم نعمه، كانت مدار الاحتفال الحاشد الذي أحيته جامعة سيّدة اللويزة، ورعاه بحضوره صاحب الغبطة والنيافة مار بشارة بطرس الرّاعي، الذي نوّه بهذا “العمل الجبّار” وبمن أنجزه وحيداً، داعياً إلى “واجب-أمنية” أن يقتنيه أبناء كلّ عائلة سبيلاً إلى معرفة تاريخها وتقاليدها ودورها في المجتمع والكنيسة والوطن، فلا يطغى النسيان والضياع والغربة ويُكتب لنا تاريخٌ غيرُ تاريخنا
وانتهى الرّاعي إلى القول: إنّ “موسوعة العائلات المارونيّة”، مع العائلات الأخرى المماثلة والعائلات الروحيّة المتنوّعة إتنيّاً وثقافيّاً وحضاريّاً، تؤلّف كلّ العائلة اللبنانيّة، التي هي مشروع وحدة إنسانيّة ووطنيّة على شاكلة وحدة الجسد…، متابعاً: هذه هي فلسفة الميثاق الوطنيّ والدستور، القائمة على قاعدة العيش معاً والتعاون في الحكم والإدارة والمساواة وحسن التمثيل والتنوّع في الوحدة
وكان رئيس الجامعة الأب بيار نجم رأى في كلمته أنّنا: “بلوائح العائلات هذه، نستعيد تاريخاً من قداسةٍ وسقطات، من انتصارات وانتكاسات، من مجدٍ تأسيسيّ للبنان الكبير، وُلِدَ راسخاً على صخرة الموارنة بكركي، ومن انقساماتٍ وجراح. نستعيدُ تاريخاً من مارونيّة بنت يوم، أيقنت رسالتها، وطنَ مؤسّسات، وأنشأت أنظمة محاسبة وشفافيّة، وطوّرت أنظمة ماليّة واقتصاديّة رائدة، وصانت كرامة الأفراد، وحفظت حقوق العمّال والفئات المجتمعيّة، عبر إنشاء النقابات والجمعيّات، وكانت ركناً أساسيّاً في خلق نظام تعليم أساسيّ وإنشاء مؤسّسات تعليم عالٍ صارت من مؤسّسات النخبة، ولا سيّما بفضل رهبانيّاتها ومؤسّسات الحياة المكرّسة فيها، وارتقت بلبنان إلى موقع الريادة في المنطقة، لترسم مع شركائها في الوطن لوحة مواطنة وعيش مشترك
وأضاف: إنّنا برسالة صروحنا الجامعيّة المارونيّة اليوم نكمل ما شاءه الآباء، في المجمع اللبنانيّ، مجمع اللويزة، منذ ثلاثة قرون، فنقدّم لا أجود العلوم فحسب، بل وأيضاً نبني المواطن الحرّ، الفخور بجذوره وانتمائه، والمنفتح دوماً على الآخر. وما لقاؤنا اليوم إلاّ لنشهد على هذه الحقيقة عبر الأربعة آلاف ومئتي صفحة تحاكي جذور وأصول العائلات المارونيّة من ألفها إلى يائها؛ فهذه أمانة جامعة سيّدة اللويزة أن تكون للتاريخ منصّةً وإطاراً، شاهدةً للكلمة، والدةً للكتب التي تضيء للمتلقّف شمعةً إضافيّةً في مسيرة معرفته وارتقائه
أمّا مدير المنشورات الأستاذ جورج مغامس فأوضح: “موسوعة العائلات المارونيّة” ليست مجرّد دليلٍ أو إحصائيّةٍ شُحنت بأسماءِ العائلاتِ والأعلامِ والأمكنة، بالأصولِ والفروعِ، وما كان من تبديلٍ في دينٍ ومذهبٍ ونسبٍ، بفعلِ خصومةٍ تقيّةٍ مصاهرة أو حرفةٍ ومهنة؛ بل هي على أهميّةِ كلّ ذلك والبطولة في جمعِه وبيان حالِه ومسارِه ومُقامِه في نسيجِنا الوطنيّ الإسلاميّ المسيحيّ الفريد، هي وأيضاً عملٌ تأسيسيّ ومنطلقٌ لدراسةِ بانورميّةِ تاريخِ العائلاتِ المارونيّةِ المتحرّك في ضوء إشكاليّاتِ الوجودِ والمصير، وبالتّالي العلاقةِ بالأرضِ، هذه العلاقةِ المهدّدةِ اليوم بالتخلّي وانعكاساته الدّيموغرافيّةِ وانحساراتٍ على أنواعها، من السّياسة إلى الثّقافة، ومن الدّور إلى الرّسالة