وقف محمد الأحمر، قاتل الشاب روي حاموش في قفص الاتهام، طالباً الصفح من عائلة المغدور على ما اقترفته يداه ليل السادس من حزيران العام الماضي، عندما أفرغ مسدسه في جسد الشاب المغدور، بسبب حادث بسيط، كاد أيضاً أن يودي بحياة رفيق الضحية جوني نصار الذي نجا بأعجوبة من رصاصات القاتل
وقف القاتل في الجلسة الأخيرة من محاكمته، «واهباً» طفله الوحيد الذي وُلد وهو في السجن، إلى العائلة المفجوعة، ليكون لهم بمثابة ابنهم روي، وفي مكانه، مستعطفاً بذلك هيئة محكمة الجنايات في بيروت التي أعلن رئيسها القاضي طارق البيطار أمس ختم المحاكمة في هذه الجريمة وتحديد يوم التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني موعداً للحكم
هكذا، أطلق القاتل «رصاصته» الأخيرة، محاولاً أن يلامس بذلك وجدان المحكمة قبيل النطق بحكمها، بـ«تنازله» عن طفله الوحيد، ولكن مَن يعوّض على تلك الأم الثكلى والأب المفجوع عن ابنهم الذي كان يتهيأ للاحتفال بتخرجه مهندساً، ليأتي محمد الأحمر ويضع حداً لحياته
في الجلسة الأخيرة التي كانت مخصصة لسماع مرافعة وكيل المتهم المحامي عماد المصري، بدا الأحمر هادئاً إلى أبعد حدود على غير عادته، وهو يمضغ«علكته»، وينتظر دوره في قفص الاتهام، ويرسل ابتساماته من مكانه إلى زوجته أم أولاده وأقرباء له جاءوا لحضور الجلسة
ومحاطاً بحوالي 12 عسكرياً، وقف الأحمر إيذاناً ببدء الجلسة، التي استهلت بمرافعة المصري الذي قدّم في بدايتها، «اعتذاره للمحكمة عما بدر من موكله في الجلسات السابقة تجاه المحكمة»، معتبراً أن تصرفاته ناتجة عن أسباب مرضية بحتة
ركّز المصري في مرافعته على مسألتين اساسيتين، القتل المتعمد والحالة النفسية لموكله
ففي المسألة الأولى، رأى وكيل الدفاع أن جناية القتل عمداً التي اتهم فيها موكله غير متوافرة في الدعوى، منطلقاً بذلك من اجتهادات عديدة لبنانية وفرنسية، واعتبر أن القتل العمد هو أن يكون الفاعل على دراية بعواقب جريمته وأن يكون قد ارتكبها بعيداً عن وطأة الغضب الشديد، وتابع مشيراً إلى أنه من الوقائع الثابتة في الدعوى أن المدعي جوني نصار وكان برفقته المغدور قد هرب من موكله بعد حادث السير ما أثار غضب الموكل الذي يعاني من مرض عصبي ونفسي، وهو لم يخضع للعلاج بسبب عدم قدرته المادية على ذلك، وبالتالي فإن الحادث وما اعقبه من فرار للمدعي بسيارته، وضع الموكل في حالة غضب شديد
كما اعتبر المحامي المصري أنه من الثابت أن موكله أطلق النار عشوائياً بسبب ثورة الغضب التي انتابته، مشيراً إلى أن موكله لا يعرف المغدور والمدعي وبالتالي فان عنصر القتل العمد غير متوافر في حالة موكله
وبعدما شكّك في إفادات أطباء نفسيين عاينوا المتهم وخلصوا إلى اعتبار أنه كان مدركاً لأفعاله، أصرّ المحامي المصري على طلبه في الكشف عن موكله من قبل أطباء أخصائيين في الأمراض النفسية والعصبية، طالباً من المحكمة الرجوع عن قرارها لهذه الجهة بضم طلبه إلى الأساس، ومتحدثاً عن تناقضات وقع فيها أحد الأطباء من الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة حين قال أن موكله قام بفعلته عن وعي، ثم قال الطبيب في الوقت نفسه إن الدواء الذي تناوله موكله يؤثر على الإدراك، ويشير في الوقت نفسه إلى أن الاضطراب الذهاني لا يؤثر على الادراك في المطلق
وانتهى المصري إلى طلب كف التعقبات عن موكله من جرم القتل عمداً لعدم توافر عناصره، واعتبار فعله ينطبق على المادة 550 من قانون العقوبات التي تنص على القتل عن غير قصد القتل، وإلا إعفاءه من العقاب بسبب ارادته المسلوبة بشك كلي، واستطراداً منحه اسباباً تخفيفية بالاكتفاء بمدة توقيفه
وأعطي الكلام الأخير للأحمر فقال: «أطلب الرأفة والرحمة، فأنا لم أكن بوعيي وأطلب من عائلة حاموش الصفح وأنا نادم على ما قمت به لأنني كنت بثورة غضب، وأطلب الشفقة والرحمة
وبسؤال المتهمين الآخرين عدنان غندور وهاني المولى والظنينة امال موجيان عن كلامهم الأخير طلبوا البراءة
وقبل أن يعلن رئيس المحكمة ختم المحاكمة للحكم في 29 تشرين الثاني المقبل، طلب الأحمر مجدداً الكلام فقال: لدي ثلاث بنات وطفل ولد وانا في السجن، وهذا الطفل أقدمه لأهل روي مكان روي